٤٩٨٠ - فَلاَ - وأبِيكِ - ابْنَةَ العَامِري... البيت المتقدِّم.
وقال غويةُ بنُ سلمَى :[ الوافر ]
٤٩٨١ - ألاَ نَادتْ أمَامةُ باحْتِمَالِ... لتَحْزُننِي فلا بِكِ ما أبَالِي
وفائدتها : توكيد القسم في الردِّ «. ثمَّ قال بعد أن حكى وجه الزيادة والاعتراض والجواب كما تقدم : والوجه أن يقال : هي للنَّفي، والمعنى في ذلك : أنَّه لا يقسم بالشيء إلاَّ إعظاماً له، يدلُّك عليه قوله تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ [ الواقعة : ٧٥ - ٧٦ ] فكأنه بإدخال حرف النَّفي يقول : إن إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام، يعني أنه يستأهل فوق ذلك.
وقيل : إنَّ » لا « نفيٌ لكلامٍ ورد قبل ذلك انتهى.
قال ابن الخطيب : كأنَّهُم أنكروا البعث فقيل :» لا « ليس الأمر على ما ذكرتم، ثم قيل : أقسم بيوم القيامة.
قال : وهذا فيه إشكال؛ لأن إعادة حرف النفي أحرى في قوله تعالى :﴿ وَلاَ أُقْسِمُ بالنفس اللوامة ﴾ مع أن المراد ما ذكروه يقدح في فصاحة الكلام.
قال شهاب الدين رحمه الله :» فقول الزمخشري « : والوجه أن يقال إلى قوله : يعني أنه يستأهل فوق ذلك، تقرير لقوله : إدخال » لا « النافية على فعل القسم مستفيض إلى آخره وحاصل الكلام يرجع إلى أنها نافية، وأنَّ النَّفي متسلّط على فعل القسم بالمعنى الذي شرحه، وليس فيه منع لفظاً ولا معنى ».
ثم قال : فإن قلت : قوله تعالى :﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ النساء : ٦٥ ] والأبيات التي أنشدتها المقسم عليه فيها منفي، فهلا زعمت أنَّ « لا » التي قبل القسم زيدت موطِّئة للنَّفي بعده، ومؤكدة له، وقدَّرت المقسم عليه المحذوف - هاهنا - منفياً كقولك : لا أقسم بيوم القيامة لا تتركُونَ سُدًى؟.
قلت : لو قصَرُوا الأمر على النَّفي دون الإثبات لكان لهذا القول مساغ، ولكنه لم يقصر، ألا ترى كيف نفى ﴿ لاَ أُقْسِمُ بهذا البلد ﴾ [ البلد : ١ ] بقوله :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ [ البلد : ٤ ] وكذلك قوله :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم ﴾ [ الواقعة : ٧٥ ] بقوله :﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [ الواقعة : ٧٧ ]، وهذا من محاسن كلامه تعالى.
وقرأ قنبل والبزِّي - بخلاف عنه - :« لأقسم » بلام بعدها همزة دون ألف، وفيها أوجه :
أحدها : أنها جوابٌ لقسم مقدر، تقديره :« والله لأقسم » والفعل للحالِ، فلذلك لم تأت نونُ التوكيد، وهذا مذهبُ الكوفيين.
وأمَّا البصريون : فلا يجيزون أن يقع فعل الحال جواباً للقسم فإن ورد ما ظاهره ذلك جعل الفعل خبراً لمبتدإ مضمر، فيعود الجواب جملة اسمية قدر أحد جزأيها وهذا عند بعضهم، من ذلك التقدير : والله لأنا أقسم.
الثاني : أنه فعل مستقبل، وإنَّما لم يأتِ بنون التوكيدِ؛ لأنَّ أفعال الله - تعالى - حقٌّ وصدقٌ فهي غنيةٌ عن التأكيد بخلاف أفعال غيره، على أن سيبويه حكى حذف النون، إلا أنه قليل، والكوفيون : يجيزون ذلك من غير قلَّة، إذ من مذهبهم جواز تعاقب اللام والنون فمن حذف اللام قوله :[ الكامل ]