﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ ﴾ [ النحل : ١٢٠ ]. وقد يطلق لفظ الأمّة على غير هذا المعنى [ كقوله تعالى :﴿ إنا وجدنا آباءنا على أمة ﴾ أي دين وملة ]. ومنه قوله تعالى :﴿ إِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ [ الأنبياء : ٩٢ ].
وقد تكون بمعنى الحِيْن والزمان، ومنه قوله تعالى :﴿ وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ ﴾ [ يوسف : ٤٥ ] أي : بعد حين وزمان.
ويقال هذا أمة زيدن أي أّمُّ زيدٍ، والأمة أيضاً : القامة، يقال : فلان حسن الأّمَّة، أي : حسن القامة؛ قال [ المتقارب ]
٧٨٧ وَإِنَّ مُعَاوِيَة الأَكْرمِينَ | حِسَانُ الْوُجُوهِ طِوَالُ الأُمَمْ |
قوله :﴿ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ﴾ الظّاهر أن الرؤية هنا بصرية، فرأى في الأصل يتعدّى لواحد، فلما دخلت همزة النقل أكسبتها معفولاً ثانياً، ف « أنا » مفعول أول، وم « مناسكنا » مفعول ثان.
وأجاز الزمخشري أن تكون منقولة من « رأى » بمعنى عرف، فتتعدى أيضاً لاثنين كما تقدم، وأجاز قوم فيما حكاه ابن عطية أنها هنا قلبية، والقلبية تقبل [ النَّقْل ] لاثنين كقول القائل :[ الطويل ]
٧٨٨ وَإِنَّا لَقَوْمٌ مَا نَرَى الْقَتْلَ سُبَّةً | إِذَا مَات رَأَتْهُ عَامِرٌ وَسَلُولُ |
٧٨٩ بِأَيِّ كِتَابٍ أَمْ بِأَيَّةِ سُنَّةٍ | تَرَى حُبَّهُمٍ عَاراً علَيَّ وَتَحْسِبُ |
٧٩٠ أَرِينِي جَوَاداً مَاتَ هُزْلاً لأَنِنَّي | أََرَى ما تَرَيْنَ أَوْ بَخِيلاً مُخَلَّدَا |
وقال بعضهم : هي هنا بصرية قلبية معاً؛ لأن الحج لا يتم إلاّ بأمور منها ما هو معلوم ومنها منا هو مبصر.
ويلزمه على هذا الجمع بين الحقيقة والمجاز، أو استعهمال المشترك في معنييه معاً.
وقرأ الجمهور :﴿ أَرِنَا ﴾ بإشباع كسر » الراء « هنا، وفي [ النساء : ١٥٣ ] وفي [ الأعراف : ١٤٣ ] ﴿ أرني أَنظُرْ ﴾، وفي [ فصلت : ٢٩ ] ﴿ أَرِنَا اللذين ﴾.
وقرأ ابن كثير بالإسْكَان في الجميع، ووافقه في » فصلت « ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم، واختلف عن أبي عمرو، فروي عن السوسي موافقة ابن كثير بالإسكان في الجميعن وروي عه الدَّوري اختلاس الكَسْر فيها.
أما اكسر فهو الأصل.
وأما الاختلاص فحسن مشهور.
وأما الإسكان فللتخفيف، شبهوا المصتل بالمنفصل فسكنوا كسره، كما قالوا في فَخِذ : فَخْذ، وكَتِف : كَتْف.