﴿ إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [ لقمان : ١٣ ] فلا جرم، قال الله تعالى ﴿ فَلاَ تَخْشَوهُمْ وَاخْشَوْنِ ﴾.
أي : لا تخشوا من يتعنّت ويجادل، ولا تخافوا طعنهم في قبلتكم، فإنهم يضرونكم، واخشوني، واحذروا عقابي إن عدلتم عما ألزمتكم، وفرضت عليكم.
و « الخَشْية » : أصلها : طمأنينة في القلب تبعث على التوقي والخوف و « الخوف » : فزع في القلب تخف له الأعضاء، ولخفّة الأعضاء به يسمى خوفاً، ومعه التحقير لك من سوى الله تعالى، والأمر باطّراح أمرهم ومراعاة أمر الله تعالى.
قال بعضهم : الخوف أوّل المراتب، وهو الفزع، ثم بعده الوَجَل، ثم الخَشْية، ثم الرَّهْبة ].
قوله :« وَلأُتِمَّ » فيه أربعة أوجه :
أظهرها : أنه معطوف على قوله :« لِئَلاَّ يَكُونَ » كأن المعنى : عرفناكم وجه الصواب في قبلتكم، والحجة لكم لانتفاء حجج الناس عليكم، ولإتمام النعمة، فيكون التعريف معلّلاً بهاتين العلّتين :
[ إحداهما : لانقطاع حجّتهم عنه.
والثانية : لإتمام النعمة. وقد بَيَّن مسلم الأصفهاني ما في ذلك من النعمة، وهو القوم كانوا يفتخرون باتباع إبراهيم في جميع ما يفعلون، فلما حُوِّل - ﷺ - إلى « بيت المقدس » لحقهم ضعف قلب، ولذلك كان ﷺ يحب التحوّل إلى الكعبة، لما فيها من شرف البُقْعة، فهذا موضع النعمة ]، والفصل بالاستثناء وما بعده كَلاَ فَصْلٍ إذ هو من متعلق العلة الأولى.
الثاني : أنه معطوف على علّة محذوفة، وكلاهما [ معلولها ] الخشية السابقة فكأنه قيل : واخشوني [ لأوفقكم ] ولأتم نعمتي عليكم.
الثالث : أنه متعلّق بفعل محذوف مقدر بعده تقديره : وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ عرفتكم أمر قبلتكم «.


الصفحة التالية