٨٥٦ - تَدَلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وَخَيْطَةٍ بِجَرْدَاءَ مِثْل الوكْفِ يَكْبُوا غُرابُهَا
وبُ : الحِبَالُ، والسِّبُّ : شُقّة كتان رقية والسُّبية مثله، والجَمْعُ : السُّبُوب والسَّبَائب، قال الجَوْهَرِيُّ؛ فيكون المَعنَى : حَجَّ فلانٌ، أي : حَلَّقَ.
قال القَفَّالُ - رحِمَهُ الله تعالى - : وهذا مُحْتَملٌ؛ كقوله تعالى :﴿ لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَآءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ﴾ [ الفتح : ٢٧ ]، أي : حُجَّاجاً وعُمَّاراً؛ فَعَبَّرَ عَنْ ذلك بالحَلْق، فلا يَبْعُدُ أن يكون الحَجُّ مُسَمَّى بهذا الاسمِ لمعنى الحَلْقِ.
وثالثها : الحَجُّ : القَصْدُ.
ورابعها : الحَجُّ في اللغة : القَصْدُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.
قال الشاعر :[ البسيط ]
٨٥٧ - يَحُجَّ مَأْمُومَةً في قَعْرِهَا لَجَفٌ .........................
اللَّجَفُ : الخَسْفُ أسْفَلَ البئرِ، نقله القُرْطُبيُّ.
يُقَالُ : رَجُلٌّ مَحْجُوجٌ، أي : مَقْصُودٌ، بمعنى : أنَّه يُخْتَلَفُ إِلَيْه مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.
قال الراغبُ :[ الرجز ]
٨٥٨ - لِرَاهِبٍ يَحُجُّ بَيْتَ المَقْدِسِ في مِنْقَلٍ وَبُرْجُدٍ وَبُرْنُسِ
وكذلك مَحَجَّةُ الطَّريقِ : وهي التي كَثُر فيها السَّيْرُ، وهذا شَبِيهٌ بالقَوْل الأوَّل.
قال القَفَّالُ :« والأول أشْبَهُ بالصَّوَاب ».
والاعْتِمَارُ : الزِّيَارَةُ.
وقِيلَ : مُطْلَقُ القَصْدِ، ثم صارا عَلَمَين بالغَلَبَةِ في المعاني؛ كالَبْبيت [ والنَّجْم ] في الأعيان.
وقال قُطْرُبٌ : العُمْرَةُ في لُغَةِ [ عَبْد ] القَيْسِ : المَسْجِدُ والبِيعَةَ والكَنِيسَةُ.
قال القَفَّالُ : والأشْبَهُ بالعُمَرَةِ إذا أُضِيفَتْ إلى البيت أن تَكُون بمعنى الزِّيَارةِ؛ لأنَّ المُعْتَمِرَ يَطُوف بالبيت، وبالصفا، والمروة، ثم ينصرف كالزَّائر.
قوله تعالى :{ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ ] الظاهرُ : أنَّ « عَلَيْه » خَبَرُ « لاَ » ن و « أن يَطَّوَّفَ » : أَصْلُهُ [ « في أنْ يَطَّوَّفَ » ]، فحذف حَرْفَ الجَرِّ، فيَجيءُ في محلِّها القولان النصبُ، أو الجَرُّ، والوقْفُ في هذا الوجه على قوله « بهما »، وأجازوا بَعْدَ ذلك أوجُهاً ضَعِيفةً.
منها : انْ يَكُونُ الكلامُ قَدْ تَمَّ عند قوله :« فَلاَ جُنَاحَ » ؛ على أن يكون خبر « لا » محذوفاً، وقَدَّرَهُ أبُو البَقاءِ « فلا جناح في الحج »، ويُبْتَدأُ بقوله « عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوفَ » فيكون « عَلَيْهِ » خبراً مقدماً وان يطوف في تأويل مصْدرٍ مَرْفُوعٍ بالابْتِدَاء؛ فإنَّ الطوافَ وَاجبٌ.
قَالَ أبُو البَقَاءِ - رحمه الله - : والجيدُ أَنْ يَكُونَ « عَلَيْهِ » في هذا الوجه خَبَراً، و « أَنْ يَطَّوَّفَ » مُبْتَدأ.
وَمِنْهَا :« أَنْ يكُون » عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ « مِنْ بِابِ الإِغْرِاء؛ فيكونَ » أَنْ يَطَّوَّفَ « في محلْ النصْب؛ كقولك :» عَلَيْكَ زَيْداً « أي :» الْزَمْهُ «، إلاَّ أنَّ إغرار الغَائِب ضَعِيفٌ، حكى سيبَوَيْهِ :» عَلَيْهِ رَجُلاً لَيْسَنِي « قال : وهو شاذٌ.
ومنها : أنَّ »
أنْ يَطَّوَّفَ « في مَحَلَّ رفع خبراً ثانياً ل » لا «، [ والتقديرُ : فَلاَ جُنَاحَ عليه في الطَّوَاف بِهِمَا.
ومنها :»
أنْ يَطَّوَّفَ « : في محلّ نصبٍ على الحال من الهَاءِ في » عَلَيْهِ «، والعامل في الحالِ العَامِلُ في الخَبَرِ ].


الصفحة التالية
Icon