والعُكُوفُ : الإقامة والملازمة له وهو في الشَّرع : لزوم المَسْجِد لطَاعَةِ الله تعالى فيه، يقال : عَكَفَ بالفتح يَعْكِفُ بالضم والكسر، وقد قرئ :﴿ يَعْكُفُونَ على أَصْنَامٍ ﴾ [ الأعراف : ١٣٨ ] بالوجهين، وقال الفَرَزْدَقُ :[ الطويل ]
٩٦٢ - تَرَى حَوْلَهُنَّ المُعْتَفِينَ كَأَنَّهُمْ | عَلَى صَنَمٍ في الجَاهِلِيَّةِ عُكَّفُ |
٩٦٣ - فَبَاتَتْ بَنَاتُ اللَّيْلِ حَوْلِيَ عُكَّفاً | عُكُوفُ البَوَاكِي بَيْنَهُنَّ صَرِيعُ |
فصل
لما بين حكم تحريم المباشرة في الصيام، كان يجوز أن يظن بأنَّ الاعتكاف حاله كحال الصَّوم في أنَّ الجماع يحرم فيه نهاراً أو ليلاً.
فصل
لو لمس المعتكف المرأة بغير شهوة، جاز؛ لحديث عائشة، وإن لمسها بشهوة، أو قبَّلها أو باشرها فيما دون الفرج، فهو حرام، وهل يبطل به اعتكافه؛ فيه خلافٌ.
فصل
اتفقوا على أنَّ شرط الاعتكاف الجلوس في المسجد، ثم اختلفوا، فنقل عن عليٍّ - رضي الله عنه - أنَّه قال : لا يجوز إلاَّ في المسجد الحرام ومسجد المدينة.
قال حُذَيْفَةُ : يجوز في هذين المسجدين، وفي مسجد بيت المقدس؛ لقوله - عليه الصَّلاة والسَّلام - :« لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ إلى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ »
وقال الزُّهْرِيُّ : لا يصحُّ إلاَّ في الجامِعِ.
وقال أبو حنيفة : لا يصحُّ إلاَّ في مسجدٍ له إمامٌ راتبٌ، ومؤذِّن راتب.
وقال الشفعيُّ وأحمد : يصحُّ في جميع المساجد إلاَّ أن المسجد الجامع أفضل؛ حتى لا يحتاج إلى الخروج إلى الجمعة، فإن اعتكف في مسجد غير الجامع، لاحتاج إلى الخروج إلى الجمعة، فيشهدها ويرجع مكانه، ويصحُّ اعتكافه؛ لأنه خرج إلى فرض، وهو من الشَّرائع القديمة.
فصل في الاعتكاف بدون الصوم
يجوز الاعتكاف بغير صومٍ، وبالصَّوم أفضل؛ وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه - لا يجوز إلاَّ بالصَّوم.
واحتجَّ الأوَّلون : بأنَّ الاعتكاف لو أوجب الصَّوم، لما صحَّ في رمضان؛ لأنَّ الصَّوم الذي أوجبه الاعتكاف، إمَّا صومٌ آخر غير صوم رمضان، وهو باطلٌ؛ لأن رمضان لا يصحُّ فيه غيره، وأيضاً ما روي عن عمر - رضي الله عنه - قال : يا رسول الله، إنِّي نَذَرْتُ في الجاهِلِيَّةِ أن أَعْتَكِفَ لَيْلَةً، فَقَالَ - عليه الصَّلاَة والسَّلام- :« أَوْفِ بِنَذْرِكَ » والصَّوم لا يجوز في اللَّيل.
فصل
روى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كَانَ رَسُولُ الله ﷺ إذا أراد أن يعتكف صلَّى الفجر ثم دخل معتكفه.