﴿ عَلَى الناس حِجُّ البيت ﴾ [ آل عمران : ٩٧ ].
الدليل الثالث : ما ورد في الصَّحيح : أنَّ جبريل - عليه الصَّلاة والسَّلام - سأل النبيَّ - عليه الصَّلاة والسَّلام - عن الإسلام، فقال :« أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، وأَنَّ مُحمداً رَسُولُ اللَّهِ، وأَنْ تٌقِيمَ الصَّلاَةَ، وتُؤْتِي الزكاةَن وتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ وَتَعْتَمِرَ »
وقوله - ﷺ وشرَّف وكرَّم ومجَّد وبجلَّ وعظَّم - لأبي رزين، لمَّا سأله، فقال : إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ أدرك الإسلام، ولا يستطيع الحجَّ والعمرة، ولا الظَّعْنَة، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام :« حُجَّ عن أبِيكَ وَاعْتَمْرْ » وقال - عليه الصَّلاة والسَّلام - « إنَّ الحجَّ والعُمْرَةَ فَرِيضَتَانِ، لا يَضُرُّكَ بأيهما بَدَأْت »
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ فقال - عليه الصَّلاة والسَّلام - « عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لاَ قِتَالَ فِيهِ : الحَجُّ وَالعُمْرَةُ »
وقال ابن عمر - رضي الله عنه - : ليس أحد من خلق الله إلاَّ وعليه حجةٌ وعمرة واجبتان إن استطاع إلى ذلك سبيلاً.
وقال الشافعيُّ - رضي الله عنه - : اعتمر النبيُّ ﷺ وشرَّف وكرَّم ومجَّد وبجَّل وعظَّم قبل الحجِّ، ولو لم تكن العمرة واجبةً، لكان الأشبه أن يبادر إلى الحجِّ الواجب.
القول الثالث : في قصة الأعرابِّي حين سأل رسول الله ﷺ عن أركان الإسلام، فعلَّمه الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجَّ، فقال الأعرابيُّ : هل عليَّ غيرها؟ قال :« لا إلاَّ أن تطَّوع »، فقال : والله لا أزيد على هذا، ولا أنقض، فقال ﷺ :« أفلح إن صدق »
وقال عليه الصَّلاة والسَّلام :« بُنِيَ الإسلامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وحَجِّ الْبَيْتِ »
وقال - عليه الصَّلاة والسَّلام - :« صَلُّوا خَمْسَكُمْ، وزَكُّوا أَمْوَالَكُمْ، وَحُجُّا بَيْنَكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّة رَبِّكُمْ »
وعن محمد المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ أنَّه سئل عن العمرة، واجبةٌ هي أم لا؟ فقال :« لاَ، وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ »
وعن معاوية الضَّرير، عن أبي صالحٍ الحنفي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ وشرَّف وكرَّم ومجَّد وبجَّل وعظَّم - قال :« الحَجُّ جِهَادٌ، وَالعُمْرَةُ تَطَوَّعٌ »
والجوابُ من وجوهٍ :
أحدها : أن هذه أخبارُ آحادٍ؛ فلا تعارض القرآن.
وثانيها : أنَّ هذه الآية الكريمة نزلت في السَّنة السابعة من الهجرة، فيحتمل أنَّ هذه الأحاديث حيث وردت، لم تكن العمرة واجبةً، ثم نزل بعدها :﴿ وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ ﴾، وهذا هو الأقرب لما ذكرناه.