٩٨٣ - تَوَهَّمْتُ آيَاتٍ لَهَا فَعَرَفْتُهَا | لِسِتَّةِ أَيَّامٍ وَذَا الْعَامُ سَابِعُ |
٩٨٤ - ثَلاَثٌ واثْنَتَانِ فَهُنَّ خَمْسٌ | وَسَادِسَةٌ تَمِيلُ إِلَى شَمَامِ |
٩٨٥ - ثَلاَثٌ بِالْغَدَاةِ فَهُنَّ حَسْبِي | وَسِتٌّ حِينَ يُدْرِكُنِي العِشَاءُ |
فَذَلِكَ تِسْعَةٌ فِي الْيَوْمِ رِيِّي | وَشُرْبُ الْمَرْءِ فَوْقَ الرِّيِّ دَاءُ |
٩٦٨ - فَسِرْتُ إِلَيْهِمُ عِشْرِينَ شَهْراً | وَأَرْبَعَةً فَذَلِكَ حِجَّتَانِ |
ومنها قال المبرد : طفتلك عشَرَةٌ : ثلاثةٌ فى الحَجّ وسبعةٌ إذا رَجَعْتُمْ فَقَدَّمَ وأخَّر «، ومنها قال ابن الباذش : جيء بعشرة توطئةً للخبرِ بعدها، لا أنَّها هي الخَبَرُ المستقلُّ بفائدةِ الإسناد كما تقول : زيدٌ رَجُلٌ صَالِحٌ » يعني أن المقصود الإخبار بالصَّلاح، وجيء برجلٍ توطئةً، إذ معلومٌ أنه رجلٌ. ومنها قال الزَّجاج :« جَمَعَ العدَدَيْنِ لجوازٍ أن يُظَنَّ أنَّ عليه ثَلاَثَةً أو سبعةً » ؛ لأنَّ الواو قد تقوم مقام أو، ومنه :﴿ مثنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ [ النساء : ٣ ] فأزال احتمال التَّخيير، وهذا إنَّما يتمشَّى عند الكوفيِّين؛ فإنَّهم يقيمون الواو مقام أو. وقال الزمخشريُّ :« الواو قد تجيءُ للإباحة فى قولك :» جَالِسِ الحَسَنَ وابْنَ سِيرينَ « ألا ترى أنَّه لو جالسهما معاً، أو أحدهما كان ممتثلاُ فجمع نفياً لتوهُّمِ الإبَاحَة » قال أبو حيان :« وفيه نَظَرٌ، لأنَّهُ لا تُتَوَهَّمُ الإِبَاحَة؛ فإنَّ السِّيَاقَ سياقُ إيجَاب، فهو يُنَافِي الإبَاحَةَ، ولا يُنَافي التَّخْيِيرَ، فإنَّ التَّخيِيرَ يَكُونُ فى الوَاجِبَاتِ، وقد ذكر النَّحْوِيُّونَ الفَرْقَ بينَ التَّخْيِير، والإباحَةِ ».
وقد ذكر ابن الخطيب قول الزَّمخشري هذا المقتدّم، وذكر وجوهاً أخُر :
منها : أن المعتاد أن يكون البدل أضعف حالاً من المبدّل، فبيَّن الله تعالى أنَّ هذا البدل ليس كذلك، بل هو كامل فى كونه قائماً مقام المبدّل، فيكون الصائم ساكن النَّفس إلى حصول الأجر الكامل من عند الله، وذكر العشرة ليتوصل به إلى قوله « كَامِلَة » ؛ لأنَّه لو قال :« تِلْكَ كَامِلَةٌ » ؛ لجاز أن يراد به الثَّلاثة المفردة عن السَّبعة والسّبعة المفردة عن الثَّلاثة، فلا بدّ من ذكر العشرة.
وقوله :« كَامِلَةٌ » يحتمل بيان الكمال من ثلاثة أوجهٍ : إمَّا أن تكون كاملة فى البدل عن الهدي قائمة مقامه لا تنقص عنه، أو أنَّ ثوابها مثل ثواب القادر على الهدي، أو أنّ حجّ المتمتع الصّائم كاملاً كحج من لم يتمتَّع.
ومنها أنّ الله تبارك وتعالى لو قال أوجب عليكم صيام عشرة أيّام، لم يبعد أن يكون دليل يقتضي خروج بعض هذه الأيّام، فإنّ تخصيص العام كثير في الشَّرع، فلما قال « تِلْكَ عشرة » كانَ ذلك تنصيصاً على أنَّ المخصص لم يوجد البتَّة، فيكون أقوى دلالة، وأبعد من احتمال التَّخصيص والنَّسخ.