﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ﴾ [ القصص : ٨٨ ]، ﴿ إِلاَّ ابتغآء وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى ﴾ [ الليل : ٢٠ ].
وثالثها : أن أعظم العبادات السجدة، وهي إنما تحصل بالوجه، فلا جرم خصّ الوجه بالذكر. [ ومعنى « أسلم » : خضع قال زيد بن عمرو بْن نُفَيْلٍ :[ المتقارب ]

٧٤١أ وَأَسْلَمُتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ لَهُ الأَرْضُ تَحْمِلُ صَخْراً ثِثالاً
٧٤١ب وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ لَهُ المُزْنُ تَحْمِلُ عَذْباً زُلاَلاً
فيكون المراد هنا نفسه، والأمر بإذلالها، وأراد به نفس الشيء، وذلك لايكون إلاَّ بانقياد الخضوع، وبإذلال النَّفْس في طاعة الله تعالى وتجنبها عن معاصيه ].
ومعنى « لله » أي : خالصاً لله لا يشوبه شِرْك.
قوله تعالى :« وَهُوَ مُحْسِنٌ » جملة في محلّ نصب على حال [ والعامل فيها « أسلم » وهذه الحال حال مؤكدة لأن من « أسلم وجهه لله فهو محسن » ].
وقال الزمخشري رحمه الله تعالى وهو مُحْسن له في عمله فتكون على رأيه مبيّنة؛ لأن من أسلم وجهه قسمان : محسن في عمله وغير محسن أنتهى.
قوله تعالى :« فله أجره » الفاء جواب الشرط إن قيل بأن « مَنْ » شرطية، أو زائدة في الخبر إن قيل بأنها موصولة، وقد تقدم تحقيق القولين عند قوله سبحانه وتعالى :﴿ بلى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً ﴾ [ البقرة : ٨١ ] وهذه نظير تلك فليلتفت إليها.
وهنا وجه آخر زائد ذكره الزمخشري، وهو أن تكون « مَنْ » فعله بفعل محذوف أي : بلى يدخلها من أسلم، و « فَلَهُ أَجْرُهُ » كلام معطوف على يدخلها هذا نصه.
و « لَهُ أَجْرُهُ » مبتدأ وخبره، إما في محلّ جزم، أو رفع على حسب ما تقدّم من الخلاف في « مَنْ ». وحمل على لفظ « مَنْ » فأفرد الضمير في قوله تعالى :﴿ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ ﴾ وعلى معناها، فجمع في قوله :﴿ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾، وهذا أحسن التركيبين، أعني البداءة بالحمل على اللفظ ثم الحمل على المعنى والحامل في « عند » ما تعلق به « له » من الاستقرار، ولما أحال أجره عليه أضاف الظرف إلى لفظة « الرّب » لما فيها من الإشعار بالإصلاح والتدبير، ولم يضفه إلى الضمير، ولا إلى الجلالة، فيقول : فله أجره عنده أو عند الله، لما ذكرت لك، وقد تقدم الكلام في قوله تعالى :﴿ فَلاَ خَوْفٌ ﴾ [ البقرة : ٣٨ ] بما فيه من القراءات.


الصفحة التالية
Icon