والثاني : يوم النَّفر الأول؛ لأن بعض النَّاس ينفرون في هذا اليوم من منًى.
والثَّالث : يوم النَّفر الثَّاني : وهي الأيّام الثّلاثة مع يوم النَّحر كلُّها أيَّام النَّحر، وعند أحمد - رحمه الله - : عند آخر وقت النَّحر إلى يومين من أيَّام التَّشريق، وأيّام التَّشريق مع يوم النَّحر أيام رمي الجمار؛ وأيّام التكبير أدبار الصَّلوات.
واستدلَّ القفَّال على أنّ الأيَّام المعدودات هي أيَّام التَّشريق بما روى عبد الرَّحمن بن يعمر الدئلي؛ أنّ رسول الله صلى الله عيله وسلم أمر منادياً فنادى، « الحَجُّ عَرَفَةُ، من جَاء لَيْلَة جمْعٍ قبل طُلُوعِ الفَجْرِ، فقد أدرك الحجَّ، وأيّام منىً ثلاثَة أيّام، فمن تَعَجَّل في يَوْمَيْن فلا إثْمَ عَلَيْه، ومن تَأَخَّر فلا إثْمَ عَلَيْه، وهذا يدلُّ على أنّ الأيَّام المعدودات هي أيَّام التَّشريق.
وروي عن ابن عبَّاس :» المَعْلُومَات « يوم النَّحر ويومان بعده، و » المَعْدُودَات « أيام التَّشريق.
وعن عليه - رضي الله عنه - قال :» المَعْلُومَات يوم النَّحْرِ وثَلاَثَةَ بَعْدَه «.
وروى عطاء عن ابن عباس :» المَعْلُمات يوم عَرَفَة والنَّحْر وأيّام التَّشْرِيق «.
وقال محمد بن كعب : هما شيء واحد، وهي أيَّام التَّشريق، وروي عن نبيشة الهذلي؛ قال : قال رسول الله ﷺ :» أيَّام التَّشْرِيق أيّام أَكْلِ وشُرْبٍ وذِكْرِ اللَّهِ، ومن الذِّكْر في أيَّام التَّشْرِيقِ التكْبِير «
فصل
اعلم أنّ المراد بالذكر في هذه الأيَّام : التكبير عند رمي الجمرات، وأدبار الصلوات.
وروي عن عمر، وعبد الله بن عمر؛ أنّهما كانا يكبِّران بمنًى تلك الأيّام خلف الصَّلوات، وفي المجلس، وعلى الفراش والفسطاط، وفي الطَّريق، ويكبِّر النَّاس بتكبيرهما، ويتلوان هذه الآية.
وذهب الجمهور إلى أنّ التكبير عقيب الصَّلوات مختصٌّ بعيد الأضحى، [ في حق الحاجِّ وغيره.
وذهب أحمد - رحمه الله - إلى أنّه يستحبُّ التكبير ليلة العيدين ]. واختلفوا في ابتدائه وانتهائه.
فقال مالك الشَّافعي : يكبِّر المحرم وغيره عقيب الصَّلوات، من صلاة الظُّهر من يوم النَّحر، إلى بعد صلاة الصُّبح من آخر أيَّام التَّشريق، وهو قول ابن عبَّاس، وابن عمر؛ لأن التكبير إنَّما ورد في حقِّ الحاجِّ والنَّاس تبعٌ لهم، وذكر الحاجِّ قبل هذا الوقت هو التَّلبية، وهي تنقطع مع ابتداء الرَّمي.
وقال أحمد - رحمه الله - : يكبّر المحرم من صلاة الظُّهر يوم النَّحر إلى آخر أيَّام التَّشريق، روي ذلك عن علي وبه قال مكحول وأبو يوسفٌ، وروي هذا القول عن بعضهم في حقّ المحرم أيضاً، روي عن علي وعمر وابن مسعود وابن عبَّاس.
وقال أبو حنيفة : يكبر المحرم وغيره من صلاة الصُّبح يوم عرفة، إلى بعد العصر يوم النَّحر، روى ذلك عن ابن مسعود وعلقمة والأسود والنَّخعي.
وللشافعي قول آخر : أنّه يبتدئ من صلاة المغرب ليلة النَّحر، إلى صلاة الصُّبح من آخر أيام التَّشريق، وله قول ثالث : أنّه يبتدئ من صلاة الصُّبح يوم عرفة إلى العصر من يوم النَّحر؛ وهو كقول أبي حنيفة - رضي الله عنه -.