فإن قيل : التكبير مضاف إلى الأيَّام المعدودات وهي أيّام التَّشريق، فينبغي ألاَّ تكون مشروعةً يوم عرفة.
فالجواب : أنّ هذا يقتضي ألاَّ يكون يوم النَّحر داخلاً فيها وهو خلاف الإجماع.
وصفة التكبير عند أهل العراق شفعاً : الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، روي ذلك عن ابن مسعود - رضي الله عنهما - وهو قول أحمد.
وقال أهل المدينة : صفة التكبير : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثاً نسقاً، وهو قول سعيد بن جبير والحسن، وبه قال مالك والشَّافعي وأبو حنيفة، ويقول بعده : لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
قوله تعالى :﴿ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ « مَنْ » يجوز فيها وجهان :
أحدهما : أن تكون شرطيةٌ، ف « تَعَجَّلَ » في محلِّ جزمٍ، والفاء في قوله :« فَلاَ » جواب الشرط والفاء وما في حَيِّزها في محلِّ جزم أيضاً على الجواب.
والثاني : أنها موصولة ب « تَعَجَّلَ » فلا محلَّ ل « تَعَجَّلَ » ؛ لوقوعه صلةً، ولفظه ماضٍ، ومعناه يحتمل المضيَّ والاستقبال؛ لأنَّ كلَّ ما وقع صلةً، فهذا حكمه؛ والفاء في « فَلاَ » زائدة في الخبر، وهي وما بعدها في محلِّ رفع خبراً للمبتدأ.
قال القرطبي :« مَنْ » في قوله :« فَمَنْ تَعَجَّلَ » رفع بالابتداء، والخبر « فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ »، ويجوز في غير القرآن، فلا إثْمَ عَلَيْهِم؛ لأن معنى « مَنْ » جماعة؛ كقوله - تبارك وتعالى - :﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ﴾ [ يونس : ٤٢ ]، وكذلك « مَنْ تأَخَّرَ ».
و « في يَوْمَيْنٍ » متعلِّق ب « تَعَجَّلَ » ولا بدَّ من ارتكاب مجازٍ؛ لأن الفعل الواقع في الظرف المعدود يستلزم أن يكون واقعاً في كلٍّ من معدوداته، تقول :« سِرْتُ يَوْمَيْنِ » لا بد وأن يكون السير وقع في الأول والثاني و بعض الثاني، وهنا لا يقع التعجيل في اليوم الأول من هذين اليومين بوجهٍ، ووجه المجاز : إمَّا من حيث إنَّه نسب الواقع في أحدهما واقعاً فيها؛ كقوله :﴿ نَسِيَا حُوتَهُمَا ﴾ [ الكهف : ٦١ ] و ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ [ الرحمن : ٢٢ ]، والنَّاسي أحدهما : وكذلك المخرج من أحدهما، وإمَّا من حيث حذف مضاف، أي : في تمام يومين أو كمالهما.
و « تَعَجَّلَ » يجوز أن يكون بمعنى « اسْتَعْجَلَ » ك « تَكَبَّرَ، واسْتَكْبَرَ »، أو مطاوعاً ل « عَجَّل » نحو « كَسَّرْتُه فَتَكَسَّرَ »، أو بمعنى المجرَّد، وهو « عِجِلَ »، قال الزمخشريُّ :« والمطاوعة أوفَقُ » ؛ لقوله :« ومَنْ تَأَخَّرَ » ؛ كما هي في قوله :[ البسيط ]