العامل في « إذ » « قال ».
وقيل : العامل فيه « اذكر » مقدراً، وهو مفعول، وقد تقدم أنه لا يتصرف فالأولى ما ذكرته أولاً.
وقدره الزمخشري رحمه الله تعالى كان كيت وكيت، فجعله ظرفاً، ولكن عامله مقدر. و « ابْتَلَى » ما بعده في محلّ خفض بإضافة الظرف إليه.
وأصل ابتلى : ابْتَلَوَ، فألفه عن « واو؛ لأنه » من بَلاَ يَبْلو « أي؛ اختبر.
و » إبْرَاهِيم « مفعول مقدم، وهو واجب التقديم عند جمهور النحاة؛ لأنه متى اتَّصَل بالفاعل ضمير يعود على المفعول وجب تقديمه، لئلا يعود الضمير على متأخر لفظاً وربتة، هذا هو المَشْهثور، وما جاء على خلافه عدوه ضرورة.
وخالف أبو الفتح في ذلك وقال :» إن الفعل كما يطلب الفاعل يطلب المفعول، فصار للفظ به شعور وطلب «.
وقد أنشد ابن مالك أبياتاً كثيرة تأخر فيها المفعول المتصل ضميره بالفاعل، منها :[ السريع ]٧٧٠ لَمَّا عَصَى أَصْحَابُهُ مُصْعَباً | أَدَّى إِلَيْهِ الكَيْلَ صَاعاً بِصَاعْ |
ومنها :[ البسيط ]٧٧١ جَزَى بَنُوهُ أَبَا الْغِيلاَنِ عَنْ كِبَرٍ | وَحُسْنِ فِعْلِ كَمَا يُجْزَى سِنِمَّارُ |
وقال ابن عطية : وقدم المفعول للاهتمام بمن وقع إلابتلاء به، إذا معلوم أن الله هو المبتلي، واتِّصَال ضمير الفعل بالفاعل موجب للتقديم، يعنى أن الموجب للتقديم سببان : سبب معنوي وسبب صناعي.
و » إبراهيم « علم أعجمي.
قيل : معناه قبل النقل أب رحيم.
فصل في تفسير لفظ إبراهيم
قال الماوردى : هذا التفسير بالسريانية وبالعربية فيما حكى ابن عطية أب رحيم.
قال السهيلي : كثيراً ما يقع الاتفاق بين السرياني والعربي، أو يقاربه في اللفظ، ألا ترى أن إبراهيم تفسيره أب رحيم، راحم بالأطفال، ولذلك جعل هو وسارة زوجته كافلين لأطفال المؤمنين الذي يموتون صغاراً إلى يوم القيامة [ على ماروى البُخَاري في حديث الرؤيا الطويل أن النبي ﷺ رأى في الروضة إبراهيم عليه السلام وحوله أولاد الناس ].
وفيه لغات سبع، أشهرها : إبراهيم بألف وياء، وإبْرَاهام بألفين، وبها قرأ هشام وابن ذكوان في أحد وجهيه في » البقرة «، وانفرد هشام بها في ثلاثة مواضع في آخر » النساء « وموضعين في آخر » براءة « وموضع في آخر » الأنعام « وآخر » العنكبوت «، وفي » النجم « و » الشورى « و » الذاريات « و » الحديد « والأول في » الممتحنة «، وفي » إبراهيم « وفي » النحل « موضعين، وفي » مريم « ثلاثة، فهذه ثلاثة وثلاثون موضعاً منها خمسة عشر في » البقرة « وثلاثة عشر في السور المذكورة.