وقال أبو الفرج بن الجوزي حديثاً عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : خلق من الأنبياء ثلاثة عشر مَخْتُونين : آدم وشيث ونوح وإدريس وسام ولوط ويوسف وموسى وشعيب وسليمان ويحيى وعيسى ومحمد ﷺ.
وقال محمد بن حبيب الهاشمي أربعة عشر : آدم وشيث ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب ويوسف وموسى وسليمان وزكريا وعيسى وحنظلة بن صفوان من أصحاب الرَّسِّ، ومحمد ﷺ. وروي أن عبدالمطلب ختن النبي ﷺ يوم سابعه وجعل مَأْدُبة، وسماه محمداً عليه أفضل الصلاة والسلام.
قال يحيى بن أيوب رضي الله تعالى عنه طلبت هذا الحديث فلم أجده عند أحد من أهل الحديث ممّن لقيته إلاَّ عند ابن أبي السّريّ.
وقال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما لم يُبْتلَ أحد بهذا الدين فأقامه كله إلا إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام ابتلاه بثلاثين خَصْلة من خصال الإسلام : عشر منها في سورة « براءة » :﴿ التائبون العابدون ﴾ [ التوبة : ١١٢ ] إلى آخر الآية.
وعشر منها في سورة « الأحزاب » :﴿ إِنَّ المسلمين والمسلمات ﴾ [ الأحزاب : ٣٥ ] إلى آخر الآية وعشر منها في « المؤمنين » :﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ إلى قوله ﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ [ المؤمنون ١١٠ ].
وروي عن ابن عباس : أربعون فزاد : وعشر في ﴿ سَأَلَ سَآئِلٌ ﴾ إلى قوله تعالى ﴿ يُحَافِظُونَ ﴾ [ المعارج : ١-٣٤ ].
وقال ابن عباس، وقتادة، والربيع : هي مناسك الحَجّ.
[ وقال الحسن ] : ابتلاه بسبعة أشياء : بالشمس والقمر، والكواكب، والخِتَان على الكِبَر، والنار، وذَبْح الولد، والهجرة، فوفّى بالكلّ.
وقال يمَان بن رباب : هي مَحَاجّته قومه، والصلاة، والزكاة، والصوم، والضيافة، والصبر عليها.
وقال بعضهم : هي قوله :﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العالمين ﴾ [ البقرة : ١٣١ ].
وقال سعيد بن جبير : هو قول إبراهيم وإسماعيل إذ يَرْفَعَان البَيْتَ :﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ ﴾ [ البقرة : ١٢٧ ] الآية.
وقيل : هي قوله :﴿ الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ﴾ [ الشعراء : ٧٨ ] الآيات.
قال القَفّال : وجملة القول أن الابتلاء بتناول إلزام كلّ ما في فعله كُلفة شدة ومشقة، فاللفظ يتناول مجموع هذه الأشياء، ويتناول كل واحد منهان فلو ثبتت الرواية في الكل وجب القول بالكل، ولو ثبتت الرواية في البعض دون البعض، [ فحينئذ يقع بين هذه الروايات ]، فوجب التوقّف.

فصل في وقت هذا الابتلاء


قال القاضي : هذا الابتلاء إنما كان قبل النبوة؛ لأنَّ الله تعالى جعل قيامه ﷺ بهنّ كالسبب لأنْ يجعله الله إماماً، والسبب مقدم على المسّبب، وإذا كان كذلك فالله تعالى ابتلاه بالتكاليف الشَّاقّة، فلما وفَّى بها لا جرم أعطاه خُلْعة النبوة والرسالة.
وقال غيره : إنه بعد النبوة، لأنه ﷺ لا يعلم كونه مكلفاً بتلك التكاليف إلا من الوحي، فلا بد من تقدم الوحي على معرفته.


الصفحة التالية
Icon