فصل
قال بعض العلماء : إذا طلق زوجته، واحدةً أو اثنتين ثم نكحت زوجاً آخر، فأصابها، ثم عادت إلى الأول بنكاح جديد، عادت على ما بقي من طلاقها.
وقال أبو حنيفة : بل يملك عليها ثلاثاً، كما لو نكحت زوجاً بعد الثلاث.
فصل هل يلحق المختلعة الطلاق
قال القرطبيُّ : استدلَّ بعض الحنفية بهذه الآية، على أنَّ المختلعة يحلقها الطلاق؛ لأنَّ الله شرع صريح الطلاق بعد المفاداة، لأن « الفَاءَ » حرف تعقيبٍ، فيبعد أن يرجع إلى قوله :« الطَّلاقُ مرَّتَانِ » ؛ لأنَّ الأقرب عوده إلى ما يليه، كالاستثناء.
فصل
لعن رسول الله ﷺ المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ لَهُ.
قال القرطبيُّ : ومدار التحليل على الزوج سواء شرط التحليل، أو نواه، فمتى كان ذلك فسد نكاحه.
فصل
قال القرطبيُّ : وطءُ السيِّد لأمته التي طلقها زوجها، لا يحلّها؛ إذ ليس بزوجٍ وكذلك النكاح الفاسد.
فصل
قال القرطبيُّ : سئل سعيد بن المسيَّب، وسليمان بن يسار، عن رجل زوَّج عبداً له، جاريةً له، فطلَّقها العبد البتَّة، ثم وهبها سيِّدها له، هل تحل له بملك اليمين؟
فقالا : لا تَحِلُّ له، حتى تَنْكِحَ زوجاً غيره.
فصل
سئل ابن شهاب، عن رجلٍ كانت تحته أَمةٌ مملوكةٌ فاشتراها، وقد كان طلقها واحدةً؛ فقال : تحل له بملك يمينه، ما لم يبت طلاقها، فإن بتَّ طلاقها، فقال : لا تحلُّ له، حتى تنكح زوجاً غيره.
فإن قيل : إذا طلَّق المسلم الذمية ثلاثاً؛ فتزوجت بعده ذمياً، ودخل بها، حلت للأول؛ لأن الذِّمي زوجٌ.
قوله تعالى :﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا ﴾ الضمير المرفوع عائدٌ على « زوجاً » النكرة، أي : فإن طلَّقها ذلك الزوج الثاني، وأتى بلفظ « إِنْ » الشرطية دون « إذا » ؛ تنبيهاً على أنَّ طلاقه يجب أن يكون باختياره، من غير أن يشترط عليه ذلك؛ لأنَّ « إذا » للمحقق وقوعه و « إِنْ » للمبهم وقوعه، أو المتحقِّق وقوعه المبهم زمان وقوعه؛ نحو قوله تعالى :﴿ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخالدون ﴾ [ الأنبياء : ٣٤ ].
قوله :﴿ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ ﴾ الضمير في « عليهما » يجوز أن يعود على المرأة، والزوج الأول المطلَّق ثلاثاً، أي : فإن طلَّقها الثاني، وانقضت عدَّتها منه، فلا جناح على الزوج المطلِّق ثلاثاً، ولا عليها؛ أن يتراجعا.
وهذا يؤيد قول من قال : إن الرجل إذا طلق زوجته طلقةً أو طلقتين، فتزوجت غيره، وأصابها، ثم عادت إلى الأول بنكاح جديدٍ، أنَّها تعود على ما بقي من طلاقها؛ لأنه سمَّى هذا العود بعد الطلاق الثلاث رجعةً، فبعد طلقةٍ وطلقتين أولى بهذا الاسم، وإذا ثبت هذا الاسم، كان رجعةً، والرجعية تعود على ما بقي من طلاقها. ويجوز أن يعود عليها، وعلى الزوج الثاني، أي : فلا جناح على المرأة ولا على الزوج الثاني، أن يتراجعا ما دامت عدَّتها باقيةً، وعلى هذا فلا يحتاج إلى حذف تلك الجملة المقدَّرة، وهي « وانْقَضَتْ عِدَّتُها »، وتكون الآية قد أفادت حكمين، أحدهما : أنها لا تحلُّ للأول؛ إلاَّ بعد أن تتزوج بغيره، والثاني : أنه يجوز أن يراجعها الثاني، ما دامت عدَّتها منه باقيةً، ويكون ذلك دفعاً لوهم من يتوهَّمُ أنها إذا نكحت غير الأول حلَّت للأول فقط، ولم يكن للثاني عيها رجعةٌ.