١١٣٧- وَيَحْرُمُ سِرُّ جَارَتِهِمْ عَلَيْهمْ | وَيَأْكُلُ جَارُهُمْ أُنُفَ القِصَاعِ |
١١٣٨- وَلاَ تَقْرَبَنَّ جَارَةَ إِنَّ سِرَّهَا | حَرَامٌ عَلَيْكَ فَانْكِحَنْ أَوْ تَأَبَّدَا |
١١٣٩- مَوَانِعُ لِلأَسْرَارِ إِلاَّ مِنَ أهْلِهَا | وَيُخْلِفْنَ مَا ظَنَّ الغَيُورُ الْمُشَفْشِفُ |
١١٤٠- أَلاَ زَعَمَتْ بَسْبَاسَةُ اليَوْمَ أَنَّني | كَبِرتُ وَأَلاَّ يُحْسِنُ السَّرَّ أَمْثَالِي |
فصل في بيان السر في الآية
اختلفوا في السِّرِّ هنا، فقال قومٌ : هو الزِّنا، كان الرجلُ يدخل على المرأةِ مِنْ أجلِ الزِّنْيَة وهو يُعرِّضُ بالنِّكاح، ويقول لها : دعيني أُجامِعْكِ، فإذا وَفَيْتِ عشدَّتك، أظهرتُ نكاحك قاله الحسن، وقتادة، وإبراهيم، وعطاءٌ، ورواه عطيةٌ عن ابن عباس.
وقال زيد بن أسلم : أي : لا يُنْكِحها سرّاً فيمسكها فإذا حلّت، أظهرت ذلك.
وقال مجاهدٌ : هو قول الرجل لا تفوِّتيني بنفسك، فإنِّي ناكِحُك. وقال الشعبيُّ، والسدِّيُّ : لا يؤخَذُ ميثاقها، ألاَّ ينكح غيرها. وقال عكرمة : لا يخطبها في العِدَّة.
وقال الكلبيُّ ورُوِيَ عن ابن عباس : أي تصفُوا أنفُسكم لهُنَّ بكثرةِ الجماع، فيقول آتيتك الأَربعة والخَمْسة، وأشباه ذلك، وإنما قيل للزِّنا والجماع سِرّاً؛ لأنه يكون في خفاءٍ بين الرجل والمرأةِ.
فصل في كراهة المواعدة في العدّة
حكى القرطبيُّ، عن ابن عطيَّة، قال : أجمعتِ الأُمَّةُ على كراهة المواعدة في العدة للمرأة في نفسها، وللأَبِ في ابنته البِكْر، والسيّد في أمتِه. قال ابن المواز : وأمّا الوليّ الذي لا يملكُ الجبر، فأكرهُهُ.
وقال مالكٌ - Cُ - فيمَنْ يواعد في العدَّة، ثم يتزوج بعدها : فراقها أَحَبُّ إليّ، دخل بها، أو لم يدخل، وتكون تطليقةً واحدةً هذه رواية ابن وهبٍ، وروى أشهب عن مالكٍ، أنّه يفرِّق بينهما إيجاباً، وقاله ابنُ القاسِمِ، وحكى ابن الحارِث مثلهُ عن ابن الماجشون، ورأى ما يقتضي أَنَّ التحريم يتأبدُّ، وقال الشافعيُّ إِنْ صرَّح بالخطبة، وصرَّحت له بالإجابة، ولم ينعقد النكاح [ حتى ] تنقضي العِدَّة، فالنكاح ثابت [ والتصريح لهما مكروهٌ ]
قوله :﴿ إِلاَّ أَن تَقُولُواْ ﴾ في هذا الاستثناءِ قولان :
أحدهما : أنه استثناءٌ منقطع؛ لأنه لا يندرج تحت « سِرّ » على أيِّ تفسيرٍ فَسَّرْتَه به، كأنه قال لكنْ قولُوا قولاً معروفاً.
والثاني : أنه متصلٌ، وفيه تأويلان ذكرهما الزمخشري فإنه قال : فَإِنْ قلتَ : بِمَ يَتَعَلَّقُ حرفُ الاستثناء؟ [ قلتُ ] : ب ﴿ لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ ﴾، أي : لا تواعِدُوهُنَّ مواعدةً قطٌّ إلا مواعدةً معروفةً غيرَ مُنْكَرَةٍ، أو لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ إلا بأَنْ تقولوا، أي : لا تواعِدُوهُنَّ إلاَّ بالتعريضِ، ولا يكونُ استثناءً منقطعاً من « سِرّاً » ؛ لأدائِهِ إلى قولك :« لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ إلاَّ التعرِيضَ » انتهى، فجعلَهُ استثناءً متصلاً مُفَرَّغاً على أحدِ تأويلين :
الأول : أنه مستثنىً من المصدرِ؛ ولذلك قدَّره : لا تواعِدُوهُنَّ مواعدةً إلاَّ مواعدةً معروفةً.