التاسع : روى البيهقي في « فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ » - رضي الله عنهم - « أنه ظهر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من بعيد؛ فقال ﷺ :» هَذَا سَيِّدُ العَرَبِ « فقالت عائشة رضي الله عنها : ألَسْتَ أَنْتَ سَيِّدَ العَرَبِ؟ فقال :» أَنَا سَيِّدُ العَالَمِينَ وهو سيِّدُ العرب «.
العاشر : جاء في الصحيحين أنَّ النبي ﷺ قال :»
أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ من الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي، وَلاَ فَخْرَ، بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ، والأَسْوَدِ، وكان النَّبي قبل يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ، وجُعِلَتْ لِي الأرْضُ مَسْجِداً وطَهُوراً وَنُصِرْتُ بالرُّعْبِ أَمَامِي مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وأُحِلَّتْ لِي الغَنَائِمُ ولَمْ تُحَلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتِ الشَّفَاعَةَ، فادَّخَرْتُهَا لأُمَّتِي، فهِيَ نائلة إن شاء الله تعالى مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيئاً «.
الحادي عشر : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال :»
إِنَّ الله تعالى اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ومُوسَى نَجِيّاً وَاتَّخَذَنِي حَبيباً. قال : وعزَّتي لأوثرنّ حبيبي على خليلي «.
الثاني عشر : أنَّ الله تعالى كلما نادى نبيّاً في القرآن ناداه باسمه قال :﴿ يَاآدَمُ اسكن ﴾ [ البقرة : ٣٥ ] ﴿ ياعيسى ابن مَرْيَمَ اذكر ﴾ [ المائدة : ١١٦ ] ﴿ يانوح اهبط ﴾ [ هود : ٤٨ ] ﴿ ياداوود ﴾ [ ص : ٢٦ ] ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَن ياإبراهيم ﴾ [ الصافات : ١٠٤ ] ﴿ ياموسى إني أَنَاْ رَبُّكَ ﴾ [ طه : ١١-١٢ ] وأما النبي ﷺ فناداه بقوله :﴿ ياأيها النبي ﴾ [ الأنفال : ٦٤ ] ﴿ ياأيها الرسول ﴾ [ المائدة : ٤١ ] وذلك يفيد التفضيل.
قال القرطبي رحمة الله عليه : فإن قيل : قد روى الثِّقات أنَّ النَّبيّ ﷺ قال :»
لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ وَلاَ تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللهِ «، فأجاب بعض العلماء عن ذلك، فقال : كان هذا قبل أن يوحى إليه بالتفضيل، وقبل أن يعلم أنه سيّد ولد آدم، وأن القرآن ناسخٌ للمنع من التَّفضيل.
وقال قوم : إنَّ المنع من التَّفضيل إنما هو من جهة النُّبوة، التي هي خصلة واحدة، لا تفاضل فيها، وإنَّما التَّفاضل في زيادة الأحوال، والكرامات، والألطاف، والمعجزات المتباينة.
وأما النُّبوَّة في نفسها، فلا تفاضل فيها، وإنما التَّفاضل في أمورٍ أخر زائدةٍ عليها؛ ولذلك منهم »
أُولُو العَزْمِ «، ومنهم من اتُّخِذَ خَليلاً، ومنهم مَنْ كَلَّم اللهُ، ورفع بعضهم درجات.
قال القرطبي : وهذا أحسن الأقوال، فإنَّه جمع بين الآي، والأحاديث من غير نسخ، وهكذا القول في الصحابة إن شاء الله تعالى اشتركوا في الصُّحبة، ثم تباينوا في الفضائل بما منحهم الله من المواهب، والوسائل، مع أنَّ الكلَّ شملتهم الصُّحبة والعدالة.
قال ابن الخطيب : فإن قيل إنَّ معجزات سائر الأنبياء، كانت أعظم من معجزاته، فإن آدم - عليه الصَّلاة والسَّلام - جعل مسجود الملائكة، وإبراهيم ألقي في النَّار العظيمة؛ فانقلبت برداً وسلاماً عليه، وموسى أوتي تلك المعجزات العظيمة من قلب العصا حية تسعى، وتلقفها ما صنعوا، وإخراج اليد البيضاء من غير سوء، وفلق البحر، وفلق الحجر، ومكالمة ربه، وداود ألان له الحديد، وسخّر الجبال يسبحن معه والطّير، وسخر لسليمان الجن، والإنس، والطير والوحوش والرِّياح، وعيسى أنطقه في المهد، وأقدره على إحياء الموتى، ونفخ فيه من روحه، وجعله يبرئ الأكمه، والأبرص، ولم يكن ذلك حاصلاً لمحمد ﷺ وقال - عليه الصَّلاة والسَّلام - :


الصفحة التالية
Icon