وقيل :« عَلَى » بمعنى « عَنْ » أي : خاويةٌ عن عروشها، جعل « عَلَى » بمعنى « عَنْ » كقوله :﴿ إِذَا اكتالوا عَلَى الناس ﴾ [ المطففين : ٢ ] أي : عنهم.
والخاوي : الخالي. يقال : خوت الدار تخوي خواءً بالمد، وخويّاً، وخويت - أيضاً - بكسر العين تَخْوَى خَوّى بالقصر، وخَوْياً، والخَوَى : الجوع؛ لخلوِّ البطن من الزَّاد. والخويُّ على فعيل : البطن السَّهل من الأرض، وخوَّى البعير : جَافَى جنبه عن الأرض؛ قال القائل في ذلك :[ الرجز ]

١١٩٨- خَوَّى عَلَى مُسْتَوِيَاتٍ خَمْسِ كِرْكِرَةٍ وَثَفِنَاتٍ مُلْسِ
ومنه الحديث :« كان النبي - ﷺ - إِذَا سَجَدَ خَوَّى » أي : خلا عن عضده، وجنبيه، وبطنه، وفخذيه، وخوَّى الفرس ما بين قوائمه، ويقال للبيت إذا انهدم خوى؛ لأنه بتهدمه يخلو من أهله، وكذلك خوت النجوم وأخوت إذا سقطت.
والعُرُوشُ : جمع عرش، وهو سقف البيت، وكذلك كلُّ ما هُيِّىءَ ليستظلَّ به، وقيل : هو البنيان نفسه؛ قال القائل في ذلك :[ الكامل ]
١١٩٩- إِنْ يَقْتُلُوكَ فَقَدْ ثَلَلْتَ عُرُوشَهُمْ بِعُتَيْبَةَ بْنِ الحَارِثِ بِنْ شِهَابِ
اختلفوا في الذي مرَّ بالقرية فقال مجاهد، وأكثر المفسرين من المعتزلة : كان رجلاً كافراً شاكّاً في البعث.
وقال قتادة، وعكرمة، والضحاك، والسديُّ : هو عُزَيرُ بن شرخيا.
وقال وهب بن منبه، ورواه عطاء، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - هو إرمياء بن خلقيا، ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم : إنَّ إرمياء هو الخضر - عليه السَّلام -، وهو من سبط هارون بن عمران - عليه الصَّلاة والسَّلام - وهو قول محمد بن إسحاق.
وقال وهب بن منبِّه : إنَّ إرمياء، هو النبي - ﷺ - الذي بعثه الله عندما خرَّب بخت نصَّر بيت المقدس، وأحرق التوراة.
واحتجَّ من قال إنه كان كافراً بوجوه :
الأول : استبعاده الإحياء بعد الإماتة من الله وذلك كفرٌ.
فإن قيل : يجوز وقوع ذلك منه قبل البلوغ.
قلنا : لو كان كذلك، لم يجز أن يعجب الله رسوله منه إذ الصَّبيُّ لا يتعجَّب من شكِّه في مثل ذلك، وضعَّفوا هذه الحجة؛ بأن ذلك الاستبعاد ما كان بسبب الشَّكِّ في قدرة الله تعالى، بل يحتمل أن يكون بسبب اطِّراد العادات في أنَّ مثل ذلك الموضع الخراب قلَّما يصيِّره الله معموراً، كما أنَّ الواحد إذا رأى جبلاً، فيقول : متى يقلب الله هذا ذهباً، أو ياقوتاً؟ لا أن مراده الشَّكُّ في قدرة الله، بل إنَّ ذلك لا يقع في مطرد العادات، فكذا ها هنا.


الصفحة التالية
Icon