فقال القوم : حدَّثنا آباؤنا : أنَّ عزير بن شرخيا مات ببابل، وقد كان بختنصر قد قتل ببيت المقدس أربعين ألفاً من قراء التوراة، وكان فيهم عزير، والقوم ما عرفوا أنَّه يقرأ التوراة، فلمَّا أتاهم بعد مائة عام جدَّد لهم التوراة، وأملاها عليهم عن ظهر قلبه، فلم يخرم منها حرفاً، وكانت التوراة قد دفنت في موضع فأخرجت وعورض بما أملاها فما اختلفا في حرفٍ واحدٍ، فعند ذلك قالوا : عزير ابن الله، وهذه الرواية مشهورة.
ويروى أنه أرميا - عليه الصَّلاة والسَّلام - فدلَّ على أنَّ المارَّ كان نبيّاً؛ واختلفوا في تلك القرية :
فقال وهبٌ، وقتادة، وعكرمة، والربيع هي : إيلياء، وهي بيت المقدس، وقال ابن زيد هي القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت، وعن ابن زيد أيضاً أن القوم الذين خرجوا من ديارهم، وهم ألوفٌ حذر الموت فقال الله لهم : موتوا، مرَّ عليهم رجلٌ، وهم عظامٌ تلوح فوقف ينظر؛ فقال :﴿ أنى يُحْيِي هذه الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِئَةَ عَامٍ ﴾.
قال ابن عطية : وهذا القول من ابن زيد مناقض لألفاظ الآية، إذا الآية إنما تضمَّنت قريةً خاويةً، لا أنيس فيها، والإشارة ب « هذه » إنَّما هي إلى القرية، وإحياؤها إنما هو بالعمارة، ووجود البناء والسكان.
قال القرطبي : روي في قصص هذه الآية : أنَّ الله تعالى بعث لها ملكاً من الملوك، فعمرها وجدَّ في ذلك، حتى كان كمال عمارتها عند بعث القائل. وقيل : إنه لمَّا مضى لمدته سبعون سنةً، أرسل الله ملكاً من ملوك فارس عظيماً يقال له « كُوشَك » فعمَّرها في ثلاثين سنةً.
وقال الضحاك : هي الأرض المقدَّسة.
وقال الكلبيُّ : هي دير سابر أباد وقال السديُّ مسلم أباد، وقيل : دير هرقل.
وقوله :﴿ أنى يُحْيِي هذه الله ﴾ في « أَنَّى » وجهان :
أحدهما : أن تكون بمعنى « متى ».
قال أبو البقاء رحمه الله :« فَعَلى هذا تكون ظرفاً ».