وقول الآخر :[ البسيط ]
١٠٥٨- لَوْ كَانَ لِي وَزُهَيْرٍ ثَالِثٌ وَرَدَتْ | مِنَ الحِمَامِ عِدَانَا شَرَّ مَوْرودِ |
١٠٥٩- إِذَا أَوْقَدُوا نَاراً لِحَرْبِ عَدُوِّهِمْ | فَقَدْ خَابَ مَنْ يَصْلَى بِهَا وَسَعِيرِهَا |
١٠٦٠- إِذَا بِنَا بَلْ أُنَيْسَانَ اتَّقَتْ فِئَةٌ | ظَلَّتْ مُؤَمَّنَةٌ مِمَّنْ يُعَادِيهَا |
١٠٦١- آبَكَ أَيِّهْ بِيَ أَوْ مُصَدَّرِ | مِنْ حُمُرِ الْجِلَّةِ جَأْبٍ حَشْوَرِ |
١٠٦٢- فَاليَوْم قَرَّبْتَ تَهْجُونَا وَتشْتِمُنَا | فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ والأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ |
ووجه ضعفه أَنَّهُ كان بمقتضى هذه العِلَّةِ ألاَّ يُعْطَفَ على الضَّمير مطلقاً، أعْنِي سواءٌ كان مرفوع الموضعِ، أو منصوبه، أو مجروره، وسواءً أُعيدَ معه الخافِضُ، أم لا كالتَّنوين.
وأَمَّا القياسُ، فلأنه تابعٌ من التَّوابع الخمسة، فكما يُؤكَّدُ الضَّميرُ المجرورث، ويُبْدَلُ منه، فكذلك يُعطفُ عليه.
الثالث : أَنْ يكون معطوفاً على ﴿ الشهر الحرام ﴾ ثم بعد هذا طريقان :
أحدهما : أنّ قوله :﴿ قِتَالٌ فِيهِ ﴾ مبتدأ، وقوله ﴿ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ الله وَكُفْرٌ بِهِ ﴾ خبر بعد خبر، والتَّقدير : إن قتالاً فيه محكُوم عليه بأنه كبيرٌ، وبأنه صدٌّ عن سبيل اللهِ، وبأنَّهُ كُفرٌ بالله.
والطريق الثانِي : أَنْ يكون قوله :﴿ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ﴾ جملة مبتدأ وخبر وقوله :﴿ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ الله ﴾، فهو مرفوع بالابتداء. وكذا قوله ﴿ وكُفْرٌ بِهِ ﴾ والخبر محذوفٌ لدلالة ما تقدَّم عليه، والتَّقدير : قل : قتالٌ فيه كبيرٌ وصدٌّ عن سبيلِ اللهِ كبير وكُفرٌ به كبير ونظيره : زَيْدٌ منطلِقٌ وعمرو، وتقديره : وعمرو منطلق. وطعن البصريُّون في هذا فقالوا : أَمَّا قولكم تقدير الآية : يسألونك عن قتالٍ في الشَّهر الحرام وفي المسجد الحرام؛ فهو ضعيف؛ لأَنَّ السُّؤال كان واقعاً عن القتال في الشَّهر الحرام، لا عن القِتَال في المسجدِ الحرامِ، وطعنوا في الوجه الأوَّل بأنَّه يقتضي أَنْ يكون القتال في الشَّهر الحرام كفراً بالله، وهو خطأ بالإجماع.
الثاني : بأنَّه قال بعد ذلك ﴿ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ ﴾ أي : أكبر مِنْ كُلّ ما تقدَّم، فيلزم أَنْ يكون إخراجُ أهل المسجد الحرام أكبر عند اللهِ من الكُفر، وهو خطأٌ بالإجماع.
قال ابن الخطيب : وللفرَّاءِ أن يجيب عن الأَوَّل بأنَّهُ : من الذي أخبركم بأَنَّه ما وقع السُّؤالُ عن القتال في المسجد الحرام، بل الظَّاهر أَنَّهُ وقع؛ لأَنَّ القوم كانُوا مستعظمين للقتال في الشَّهر الحرام في البلد الحرام، وكان أحدهما كالآخر في القبح عند القوم، فالظَّاهر أَنَّهم جمعوهما في السُّؤال، وقولهم : على الوجه الأوَّل يلزم أَنْ يكون قتال في الشَّهر الحرام وكُفر، فنحن نقول به لأَنَّ النَّكرة في سياق الإِثبات لا تفيد العموم.