﴿ وَمَثَلُ الذين كَفَرُواْ كَمَثَلِ الذي يَنْعِقُ ﴾ [ البقرة : ١٧١ ]. والقول بزيادة الكاف، أو « مِثْلَ » بعيدٌ جدّاً، فلا يلتفت إليه.
والحبَّة : واحدة الحبِّ، وهو ما يزرع للاقتيات، وأكثر إطلاقه على البر، قال المتلمِّس :[ البسيط ]
١٢١٥ - آلَيْتُ حَبَّ العِرَاقِ الدَّهْرَ أَطْعَمُهُ | وَالحَبُّ يَأْكُلُهُ فِي الْقَرْيَةِ السُّوسُ |
والحُبُّ : المحبة، وكذلك « الحِبّ » بالكسر، والحِبُّ أيضاً : الحبيب، وحبة القلب سويداؤه، ويقال ثمرته، وهو ذاك.
قوله :﴿ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ ﴾ أي : أخرجت وهذه الجملة في محلِّ جرٍّ؛ لأنها صفةٌ لحبة، كأن قيل : كمثل حبَّةٍ منبتةٍ.
وأدغم تاء التأنيث في سين « سَبْع » أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وهشامٌ. وأظهر الباقون، والتاء تقارب السين، ولذلك أُبدلت منها؛ قالوا : ناسٌ، وناتُ، وأكياسٌ، وأكياتٌ؛ قال :[ الرجز ]
١٢١٦- عَمْرو بْنَ يَرْبُوعٍ شِرَارَ النَّاتِ | لَيْسُوا بَأَجْيَادٍ وَلاَ أَكْيَاتِ |
وجاء التَّمييز هنا على مثال مفاعل، وفي سورة يوسف مجموعاً بالألف والتَّاء، فقال الزمخشريُّ :« فإنْ قلتَ : هلاَّ قيل :» سَبْعَ سُنْبُلاَتٍ « على حقِّه من التمييز بجمع القلَّة، كما قال :﴿ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ ﴾ [ يوسف : ٤٣ و ٤٦ ]. قلت : هذا لما قدَّمت عند قوله :﴿ ثَلاَثَةَ قرواء ﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] من وقوع أمثلة الجمع [ متعاورةً ] مواقعها ».
يعني : أنه من باب الاتساع، ووقوع أحد الجمعين موقع الآخر، وهذا الذي قاله ليس بمخلِّص، [ ولا محَصِّلٍ ]، فلا بدَّ من ذكر قاعدةٍ مفيدة في ذلك :
قال شهاب الدين - رحمه الله - : اعلم أن جمعي السَّلامة لا يميَّز بهما عددٌ إلا في موضعين :
أحدهما : ألا يكون لذلك المفرد جمعٌ سواه، نحو : سبع سموات، وسبع بقرات، وسبع سنبلات، وتسع آيات، وخمس صلوات، لأنَّ هذه الأشياء لم تجمع إلا جمع السلامة، فأمَّا قوله :[ الطويل ]
١٢١٧-...................... | .............. فَوْقَ سَبْعِ سَمَائِيَا |
والثاني : أن يعدل إليه لمجاوزة غيره، كقوله :﴿ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ ﴾ [ يوسف : ٤٣ و ٤٦ ] عدل من « سَنَابِلَ » إِلى « سُنْبُلاَتٍ » ؛ لأجل مجاورته « سَبْعَ بَقَرات »، ولذلك إذا لم توجد المجاورة، ميِّز بجمع التكسير دون جمع السلامة، وإن كان موجوداً نحو :« سَبْعَ طَرَائِق، وسَبْعِ لَيَالٍ » مع جواز : طريقات، وليلات.
والحاصل أنَّ الاسم إذا كان له جمعان : جمع تصحيح، وجمع تكسيرٍ، فالتكسير إمَّا للقلة، أو للكثرة، فإن كان للكثرة : فإمَّا من باب مفاعل، أو من غيره، فإن كان من باب مفاعل، أُوثر على التصحيح، تقول : ثلاثة أحَامِدَ، وثَلاَثُ زَيَانِبَ، ويجوز قليلاً : أَحْمَدِينَ وَزَيْنَبَات.
وإن كان من غير باب مفاعل : فإمَّا أن يكثر فيه من غير التصحيح، وغير جمع الكثرة، أو يقلَّ.
فإن كان الأول : فلا يجوز التصحيح، ولا جمع الكثرة إلا قليلاً؛ نحو : ثَلاثَةُ زُيُودٍ، وَثَلاثُ هُنُودٍ، وثَلاَثَةُ أَفْلُسٍ، ولا يجوز : ثلاثةُ زيْدِينَ، ولا ثَلاَثُ هِنْدَات، ولا ثَلاَثةُ فُلُوسٍ، إلاَّ قليلاً.