وقرأ ابن كثير، وأبو عمرٍو :« فَرُهُنٌ » بضم الرَّاء، والهاء، والباقون « فَرِهَانٌ » بكسر الرَّاء وألف بعد الهاء، روي عن ابن كثير، وأبي عمرو تسكين الهاء في رواية.
فأمَّا قراءة ابن كثير، فجمع رهن، وفَعْلٌ يجمع على فُعُلٍ نحو : سَقْف وسُقُف. ووقع في أبي البقاء بعد قوله :« وسَقْف وسُقُف. وأسَد وأُسُد، وهو وهمٌ » ولكنَّهم قالوا : إنَّ فعلاً جمع فعل قليل، وقد أورد منه الأخفش ألفاظاً منها : رَهْن ورُهُن، ولَحْد القبر، ولُحُد، وقَلْب النَّخلة، وقُلُب، ورجلٌ ثَطٌّ وقومٌ ثُطٌّ، وفرس وَرْدٌ، وخيلٌ وُرُدٌّ، وسَهمٌ حَشْرٌ وَسِهَامٌ حُشُرٌ. وأنشد أبو عمرو حجةً لقراءته قول قعنب :[ البسيط ]
١٢٩٣- بَانَتُ سُعَادُ وأَمْسَى دُونَها عَدَنُ | وَغَلِقَتْ عِنْدَهَا مِنْ قَبْلِكَ الرُّهُنُ |
واختار الزَّجَّاج قراءته هذه قال :« وَهَذِه القِرَاءَة وافَقَت المصحف، وما وافق المصحف وصحَّ معناه، وقرأ به القرَّاء فهو المختار ». قال شهاب الدين : إن الرسم الكريم « فرهن » دون ألفٍ بعد الهاء، مع أنَّ الزَّجَّاج يقول :« إنَّ فُعُلاً جمع فَعْلٍ قليلٌ »، وحكي عن أبي عمرو أنه قال :« لا أَعْرِفُ الرَّهان أكثر، والرِّهان في الخيل أكثر » وأنشدوا أيضاً على رَهْنٍ ورُهُن قوله :[ الكامل ]
١٢٩٤- آلَيْتُ لاَ نُعْطِيهِ مِنْ أَبْنَائِنَا | رُهُناً فيُفْسِدُهُمْ كَمَنْ قَدُ أَفْسَدَا |
وأمَّا قراءة الباقين « رِهان »، فرهان جمع « رَهْن » وفعل وفعال مطردٌ كثير نحو : كَعْب، وكِعَاب، وكَلْب وكِلاَب، ومَنْ سَكَّن ضمة الهاء في « رُهُن » فللتخفيف وهي لغةٌ، يقولون : سُقْفٌ في سُقُف جمع سَقْفٍ.
والرَّهنُ في الأصل مصدر رهنت، يقال : رهنت زيداً ثوباً أرهنه رهناً أي : دفعته إليه رهناً عنده، قال :[ الوافر ]
١٢٩٥- يُرَاهِنُنِي فَيَرْهَنُنِي بَنِيهِ | وأَرْهَنُهُ بَنِيَّ بِمَا أَقُولُ |
١٢٩٦- فَلَمَّا خَشِيتُ أَظَافِيرَهُمْ | نَجَوْتُ وَأَرْهَنْتُهُمْ مَالِكاً |
وقيل : أرْهَنَ في السِّلعة إذا غالى فيها حتّى أخذها بكثير الثَّمن، ومنه قوله :[ البسيط ]
١٢٩٧- يَطْوِي ابنُ سَلْمَى بِهَا مِنْ رَاكِبٍ بُعْداً | عِيديَّةً أُرْهِنَتْ فِيهَا الدَّنَايِيرُ |