الرابع : أن تكون الفتحةُ فتحةَ إعراب على أنه مفعول بفعل مقدَّر، أي اقرءوا ﴿ الم ﴾ وإنما منعه من الصرف العلمية والتأنيث المعنويّ إذْ أريد به اسم السورة، نحو قرأت هودَ، وقد قالوا هذا الوجه بعينه في قراءة مَنْ قرأ ﴿ ص والقرآن ذِي الذكر ﴾ [ ص : ١ ] بفتح الدال من صاد، فهذا يجوز أن يكون مثله.
الخامس : أن الفتحة علامة الجر، والمراد بألف لام ميم أيضاً السورة، وأنها مُقْسَمٌ بها، فحُذِفَ حرفُ القسم، وبقي عمله، وامتنع من الصرف لما تقدم، وهذا الوجه - أيضاً - مقول في قراءة من قرأ صَادَ - بفتح الدال-، إلا أن القراءة هناك شاذَّةٌ، وهنا متواترةٌ.
والظاهر أنها حركة التقاء الساكنين - كما هو مذهب سيبويه وأتباعه-.
السادس : قال ابن كَيْسَانَ :« ألف » اله « وكل ألف مع لام التعريف [ ألف ] قطع بمنزلة » قَدْ « وحكمها حكم ألف القطع؛ [ لأنهما حرفان جاء لمعنى ]، وإنما وُصِلَت لكثرة الاستعمال، فمن حرك الميم ألقى عليها حركة الهمزة التي بمنزلة القاف من » قَدْ « ففتحها بفتح الهمزة »، نقله عنه مَكِّي.
فعلى هذا هذه حركة نقل من همزة قطع، وهذا المذهب مشهور عن الخليل بن أحمد، حيث يعتقد أن التعريف حصل بمجموع « أل »، كالاستفهام يحصل بمجموع « هَلْ »، وأن الهمزة ليست مزيدة، لكنه مع اعتقاده ذلك يوافق على سقوطها في الدَّرْج؛ إجراءً لها مُجْرَى همزة الوصل، لكثرة الاستعمال، لذلك قد تثبت ضرورةً؛ لأن الضرورة ترد الأشياء إلى أصولها.
ولما نقل أبو البقاء هذا القول ولم يَعْزُه، قال :« وهذا يصح على قول من جعل أداة التعريف » أل « - يعني الخليل؛ لأنه المشهور بهذه المقالة ».
وقد تقدم النقل عن عاصم أنه يقرأ بالوقف على « ميم » ويبتدئ ب ﴿ الله لاا إله إِلاَّ هُوَ ﴾ كما هو ظاهر عبارة الزمخشري عنه، وغيره يحكي عنه أنه يسكن الميم ويقطع الهمزة - من غير وقف منه على الميم - كأنه يجري الوصل مجرى الوقف، وهذا هو الموافق لغالب نقل القرّاءِ عنه.
وقرأ عمرو بن عُبَيْدٍ - فيما نقل الزمخشري - وأبو حيوة والرُّواسي فيما نقل ابن عطية « المِ اللهُ » - بكسر الميم-.
قال الزمخشريُّ :« وما هي بمقبولة عنه »، والعجب منه كيف تجرأ على عمرو بن عُبَيْدٍ وهو عنده معروف المنزلة، وكأنه يريد : وما هي بمقبولة عنه، أي : لم تصحَّ عنه.