وسئل مالك بن أنس عن قوله :﴿ الرحمن عَلَى العرش استوى ﴾ [ طه : ٥ ] فقال :« الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ».
والرسوخ : الثبوت والاستقرار ثبوتاً متمكّناً، فهو أخص من مطلق الثَّبَاتِ.
قال الشاعر :[ الطويل ]

١٣٢٨ - لَقَد ْ رَسَخَتْ فِي الْقَلْبِ مِنِّي مَوَدَّةٌ لِلَيْلَى أبَتْ آيَاتُهَا أن تُغَيَّرا
« آمَنَّا بِهِ » في محل نصب بالقول، و « كُلٌّ » مبتدأ، أي : كله، والجار بعده خبره، والجملة نصب بالقول أيضاً.
فإن قيل : ما الفائدة في لفظ « عِنْدِ » ولو قال : كل من ربنا لحصل المقصود؟
فالجوابُ : أن الإيمان بالمتشابه يحتاج فيه إلى مزيد من التأكيد.
فإن قيل : لِمَ حُذِفَ المضاف إليه من « كُلٌّ » ؟
فالجوابُ : لأن دلالته على المضاف قوية، فالأمْنُ من اللَّبْسِ بعدَ الحذفِ حاصلٌ.
قوله :﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألباب ﴾ مَدْحٌ للذين قالوا : آمنا، قال ابنُ عباسٍ ومجاهدٌ والسُّدِّيُّ : بقولهم آمنَّا سماهم الله راسخينَ في العلم، فرسوخهم في العلم قولهم : آمنا به - أي المتشابه - كلٌّ من عند ربنا - المحكم والمتشابه، وما علمناه، وما لم نعلم -.
وقيل : الراسخونَ : علماء أهل الكتاب - كعبد الله بن سلام وأصحابه - لقوله تعالى :﴿ لكن الراسخون فِي العلم مِنْهُم ﴾ [ النساء : ١٦٢ ] يعني الدارسين علم التوراة، وسُئِل مالك بن أنس عن الراسخينَ في العلمِ فقال : العالمُ العاملُ بما عَلِم، المتَّبع له.
وقيل : الراسخ ي العلم من وُجِدَ في علمه أربعة أشياءٍ : التقوى بينه وبين الله، والتواضع بينه وبين الخلق، والزهد بينه وبين الدنيا، و المجاهدة بينه وبين نفسه.
« وَمَا يذكَّرُ » يتَّعظ بما في القرآن ﴿ إِلاَّ أُوْلُواْ الألباب ﴾ ذوو العقول.


الصفحة التالية
Icon