وقال بعضهم : ليس بتكرير؛ لأن الأول شهادة الله - تعالى - وحده. والثاني : شهادة الملائكة وأولي العلم، وهذا عند من يرفع « الْمَلاَئِكَةُ » بفعل آخر مضمر - كما ذكرنا - من أنه لا يرى إعمال المشترك، وأن الشهادتين متغايرتان، وهو مذهب مرجوح.
وقال الراغبُ :« إنما كرَّر ﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ ﴾ ؛ لأن صفات التنزيه أشرف من صفات التمجيد؛ لأن أكثرها مشارك - في ألفاظها - العبيد، فيصح وصفُهم بها، ولذلك وردت ألفاظ في حقه أكثر وأبلغ ».
وقال بعضهم :« فائدة هذا التكرار الإعلام بأن المسلم يجب أن يكون - أبداً - في تكرير هذه الكلمة؛ فإن أشرف كلمة يذكرها الإنسان، هي هذه الكلمة، فإذا كان في أكثر أوقاتِه مشتغلاً بذكرِها، كان مشتَغِلاً بأعظم أنواع العبادات ».
قوله :﴿ العزيز الحكيم ﴾ فيه ثلاثة أوجهٍ :
أحدها : أنه بدل من « هُوَ ».
الثاني : أنه خبر مبتدأ مُضْمَر.
الثالث : أنه نعت لِ « هُوَ »، وهذا إنما يتمشَّى على مذهب الكسائي؛ فإن يرى وَصْفَ الضمير الغائبِ.

فصل


ذِكْرُ هاتين الصفتين إشارةٌ إلى كمال العلم؛ لأن الإلهية لا تحصل إلا معهما؛ لأن كونه قائماً بالقسط لا يتم إلا إذا كان عالماً بمقادير الحاجات، وكان قادراً على تحصيل المهمات، وقد قدَّم « الْعَزِيزُ » على « الْحَكِيمُ » ؛ لأن العلم بكونه - تعالى - قادراً متقدم على العلم بكونه عالماً في طريق المعرفة الاستدلالية، فلما كان هذا الخطاب مع المستدلين - لا جرم - قدَّم ذكر « الْعَزِيزُ » على « الْحَكِيمُ ».


الصفحة التالية
Icon