والإِيلاءُ : الحَلفُ. مصدرُ آلَى يُؤْلي، نحو : أَكْرَمَ يُكْرِم إِكْرَاماً، والأصل :« إئْلاءٌ » فأُبدِلت الهمزةُ الثانيةُ ياءً؛ لسكونها وانكسار ما قبلها؛ نحو :« إِيمَان ».
ويقال : تَأَلَّى وايتَلَى على افتَعَلَ، والأصلُ : ائْتَلَى، فقُلِبَت الثانيةُ ياءً؛ لِما تقدَّم.
والحَلْفَةُ : يقال لها : الأَلِيَّةُ والألُوَّةُ والأَلْوَةُ والإِلْوَةُ، وتُجْمَعُ الأَليَّةُ على « أَلايَا » ؛ كعَشيَّة وعَشَايَا، ويجوزُ أن تُجْمَعَ الأَلُوَّة أيضاً على « أَلاَيَا » ؛ كرَكُوبَة ورَكَائِب؛ قال كُثَيِّر عزَّة :[ الطويل ]

١٠٩٨- قَلِيلُ الألاَيَا حَافِظٌ ليَمِينِهِ إِذَا صَدَرَتْ مِنْهُ الأَلِيَّةُ بَرَّتِ
وقد تقدَّم كيف تصريفُ أَلِيَّة وَأَلاَيَا عند قوله :﴿ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ﴾ [ البقرة : ٥٨ ] جمع خطيئة والإيلاء من عرف الشَّرع : هو اليمين على ترك الوطء؛ كقوله : لا أُجامعك، أولا أُباضعك، أو لا أُقاربك.
ومن المفسرين من قال في الآية حذف تقديره : للَّذين يؤلون من نسائهم ألاَّ يطئوهم، إلاَّ أنَّه حذف لدلالة الباقي عليه.
قال ابن ا لخطيب : هذا إذا حملنا لفظ « الإِيلاَءِ » على المفهوم اللُّغَوِيّ، أَمَّا إذا حملناه على المفهوم الشَّرعي، لم يحتج إلى هذا الإضمار.
وقرأ أُبيٌّ وابن عباس :« للَّذِينَ يُقْسِمُونَ »، نقله القرطبي.
وقرأ عبدالله :« آلَوْا مِنْ نِسَائِهِم ».
والتَّربصُ : الانتظارُ، وهو مقلوبُ التَّصبُّرِ؛ قال :[ الطويل ]
١٠٩٩- تَرَبَّصْ بِهَا رَيْبَ المَنُونِ لَعَلَّهَا تُطَلَّقُ يَوْماً أَوْ يَمُوتَ حَلِيلُهَا
وإضافةُ التربُّص إلى الأشهرِ فيها قولان :
أحدهما : أنَّه من باب إضافة المصدر لمفعوله؛ على الاتساع في الظرف؛ حتَّى صارَ مفعولاً به، فأُضيفَ إليه، والحالةُ هذه كقوله :« بَيْنَهُمَا مَسِيرة يَوْمٍ » أي : مَسِيرة في يَوْم.
والثاني : أنه أُضِيف الحَدَثُ إلى الظرف من غير اتِّساع، فتكونُ الإِضافةُ بمعنى « فِي » وهو مذهبٌ كوفيٌّ، والفاعلُ محذوفٌ، تقديره : تربُّصُهُمْ أربعةُ أشهرٍ.

فصل


قال قتادة : كان الإيلاء طلاقاً لأهل الجاهلية وقال سعيد بن المُسيَّب : كان ذلك من ضرار أهل الجاهليَّة، وكان الرَّجُلُ لا يُحِبُّ امرأته، ولا يريد أن يتزوَّجها غيره، فيحلف ألاَّ يقربها أبداً، فيتركها لا أَيماً ولا ذات بعلٍ، وكانوا في ابتداء الإِسلام يفعلون ذلك أيضاً؛ فأزال الله تعالى ذلك، وضرب للزَّوْج مُدَّة يَتَرَوَّى فيها ويتأمَّل، فإِنْ رأى المصلحة في تركِ هذه المضارَّة، فعلها، وإن رأى المصلحة في المفارقة، فارقها.
وقال القُرطبيّ : وقد آلَى النَّبِيُّ - ﷺ - وطَلَّق، وسببُ إيلائه : سُؤال نسائه إِيَّاه من النَّفقةِ ما ليس عندهُ؛ كذا في « صَحِيح مُسْلِم »، وقيل : لأن زينب ردَّت عليه هديَّتهُ، فغضب - ﷺ - فآلَى منهُنَّ، ذكره ابن ماجه.


الصفحة التالية
Icon