وعند مالكٍ وأبي حنيفة : ينتصف بالرِّقِّ، إلاَّ عند أبي حنيفة : ينتصف بِرِقِّ المرأة، وعند مالكٍ : برِقِّ الرَّجُل؛ كقولهما في الطَّلاَق.
ولنا : ظاهر قوله تعالى :﴿ لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ﴾ فتناول الكُلَّ من غير تخصيصٍ، والتَّخصيص خلاف الظَّاهر، والمعنى المُتَقَدِّم يمنع التَّخْصِيص.
قال القرطبيُّ : وأَجَلُ المُؤلي من يوم حلف، لا مِنْ يوم المرافعة إلى الحاكم.
فصل فيمن يصح منه الإيلاء ومن لا يصح
كُلُّ زَوْج يتصوَّر منه الوَقَاع، وكان تصرُّفه مُعْتبراً في الشَّرْع، صَحَّ منه الإيلاءُ.
وقال مالكٌ : لا يَصِحُّ الإيلاءُ إلاَّ في حال الغضب، وقال غيره : يصحُّ الإيلاءُ في حال الرِّضَى والغضب، ويصحُّ الإيلاءُ من الرَّجعيَّة؛ لأنها زوجة؛ بدليل أَنَّه لو قال : نسائي طوالِقٌ، وقع عليها الطَّلاَقُ.
وإيلاء الخَصِيِّ صحيحٌ، لأنه يُجَامع كالفحلِ، وإنما فُقِد في حَقِّهِ الإِنْزَالُ، والمجبوب إن بقي منه ما يمكنه أن يُجَامع به، صَحَّ إِيلاؤه، وإن لم يَبْقَ، فيه خلافٌ.
قال أبو حنيفة : لا يَصِحُّ إيلاؤه.
وقال غيره : يَصِحُّ لعموم الآية، ولا يصحُّ الإيلاء [ من أَجْنَبيَّة ]، فلو آلَى منها ثم تَزَوَّجها، لم يكن مُؤْلِياً.
فصل
فإن امتنع من وطئها بغير يمين إضراراً بها، أُمر بوطئها، فإن امتنع إضراراً بها، فرَّق الحاكم بينه وبينها، من غير ضرب مُدَّة.
وقيل : يُضربُ له أجلُ الإيلاءِ، فإذا حلف لا يطؤها حتى يفطم ولدها؛ لئلا يُمْغَلَ بولدها، ولم يرد إضراراً بها حتى يَنْقَضِي أَمَدُ الرِّضاع، لم يكُن لها مُطَالبته.
فصل
المُوْلِي لا يخلُو إمّا أن يحلف تَرْك الوَطْءِ بالله - تعالى - أو بغيره، فإِن حَلَف بالله تعالى كان مُؤلياً، ثم إن جامعها في مُدَّة الإيلاءِ، خَرَجَ عن الإيلاءِ، وهل تجب عليه كَفَّارة؟ فيه قَوْلاَن :
أصحّهما : أن عليه الكَفَّارة كما قَدَّمناه؛ لعموم الدَّلائِل الموجبةِ للكَفَّارةِ عند الحِنْثِ باليمين بالله - تعالى - لأنه لا فَرْقَ بين قوله :« والله لا أَقْرَبُكِ » ثم يَقْرَبُهَا، وبين قَوله :« والله لا أُكَلِّمُكِ » ثم يُكَلِّمُهَا.
والقول الثاني : لا كَفَّارة عليه؛ لقول تعالى :﴿ فَإِنْ فَآءُوا فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾.
ولو كانت الكَفَّارة واجبةٌ لذكرها، والحاجة مناسبةٌ إلى معرفتها، ولا يجوزُ تأخِير البيان عن وقتِ الحاجة، والغُفران يوجبُ ترك المُؤَاخَذةِ.
وللأَوَّلِين أن يجيبوا : بأنه إنما ترك الكَفَّارة ههُنا لأنه - تعالى - بيَّنها على لسان رسوله - عليه الصَّلاة والسلام - في سَائِر المواضع، وتَرْكُ المُؤَاخذة بقوله :« غَفُورٌ رَّحِيمٌ » يدل على عدم العقاب، وهو لا يُنافي وجُوب الفِعْل، كما أن التَّائِب عن الزِّنا والقَتْلِ لا عِقاب عليه، ومع ذلك يجِبُ عليه الحَدُّ والقِصَاصُ.
وأما إن كان الحالف في الإيلاء بغير اللهِ؛ كما إذا قال : إن وَطَأْتُكِ فعبدي حُرٌّ، أَوْ أَنْت طالِقٌ، أو ضرتك طَالِق، أو التزم أمراً في الذِّمَّة، فقال : إن وَطَأْتُكِ فَلِلَّه عليَّ عِتْق رَقبة، أو صدقة، أو صَوْم، أو حَجّ، أو صلاة، فقال الشَّافعي في « القدِيمِ »، وَأَحمدُ في ظاهر الرِّواية عنه : لا يكون مُؤْلِياً؛ لأن الإِيلاَء المعهُود هو الحلفُ باللهِ؛ ولقوله - ﷺ - :