بخلاف قولك : قدم فلان ومعه مال كثير، فإنه لا يصلح أن يقال : وإليه مال، وكذا قوله : قدم فلان مع أهله، ولو قلت إلى أهله لم يصح، وجعلوا من ذلك أيضاً قوله :﴿ وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ ﴾ [ النساء : ٢ ].
وقد رد أبو البقاء كونَها بمعنى :« مع » فقال :[ وقيل : هي بمعنى :« مع » ] وليس بشيء؛ فإن « إلَى » لا تصلح أن تكون بمعنى « مع » ولا قياس يُعَضِّدُهُ.
وقيل : إن « إلَى » بمعنى اللام من أنصاري لله؟ كقوله :﴿ يهدي إِلَى الحق ﴾، كذا قدره الفارسي.
وقيل : ضمَّن أنصاري معنى الإضافة، أي : من يضيف نفسه إلى الله في نصرتي، فيكون « إلَى الله » متعلقاً بنفس « أنصاري ».
وقيل : متعلق بمحذوف على أنه حال من الياء في « أنْصَارِي » أي : مَنْ أنصاري ذَاهِباً إلى الله ملتجِئاً إليه، قاله الزمخشريُّ.
وقيل : التقدير : من أنصاري إلى أن أبَيِّن أمر الله، وإلى أن أظهر دينه، ويكون « إلَى » هاهنا غاية؛ كأنه أراد : من يثبت على نصرتي إلى أن تتم دعوتي، ويظهر أمرُ الله؟
وقيل : المعنى : من أنصاري فيما يكون قربة إلى الله ووسيلة إليه؟
وفي الحديث : أنه - عليه السلام - كان يقول - إذا ضَحَّى- :« اللَّهُمَّ مِنْكَ وإلَيْكَ » أي تقرّبنا إليك.
وقيل :« إلى » بمعنى :« في » تقديره : من أنصاري في سبيل الله؟ قاله الحسنُ.

فصل


والحواريون، جمع حواري، وهو النّاصرُ، وهو مصروفٌ - وإن ماثل « مفاعل » ؛ لأن ياء النسب فيه عارضة ومثله حَوَاليّ - وهو المحتال - وهذا بخلاف : قَمَارِيّ وَبخَاتِيّ، فإنهما ممنوعان من الصرف، والفرق أن الياء في حواريّ وحواليّ - عارضة، بخلافها في قَمَاري وبخاتيّ فإنها موجودة - قبل جمعهما - في قولك قُمْريّ وبُخْتِيّ. والحواريّ : الناصر - كما تقدم - ويُسَمَّى كل من تبع نبياً ونصره : حوارياً؛ تسمية له باسم أولئك؛ تشبيهاً بهم، وفي الحديث عنه ﷺ في الزبير :« ابن عمتي وحواريّ أمتي » وفيه أيضاً - « إنَّ لكل نبي حواريًّا وحواريي الزُّبَيْر »، وقال معمر قال قتادة : إن الحواريّين كلهم من قريش : أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحمزة، وجعفر، وأبو عبيدةِ بن الجراح، وعثمان بن مَظْعُون وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وَقّاصِ وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوامِ - رضي الله عنهم أجمعين. وقيل : الحواريّ : هو صفوة الرجل وخالصته واشتقاقه من جِرتُ الثوب، أي : أخلصت بياضَه بالغَسْل، ومنه سُمِّي القَصَّار حوارياً؛ لتنظيفه الثياب، وفي التفسير : إن أتباع عيسى كانوا قصارين.


الصفحة التالية
Icon