قال القاضي :« كل خير حصل من جهة العباد فلولا أنه - تعالى - أقدرهم عليه، وهداهم إليه، لما تمكنوا منه، فلهذا السبب كان مضافاً إلى الله تعالى ».
قال ابن الخطيبِ :« وهذا ضعيفٌ؛ لأن بعضَ الخير يصير مضافاً إلى الله - تعالى - ويصير أشرف الخيرات مضافاً إلى العبد، وهذا خلافُ النص ».
وقوله :﴿ إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ كالتأكيد لما تقدم من كونه مالكاً لإيتاء الملك ونَزْعه، والإعزار، و الإذلال.
قوله :﴿ تُولِجُ الليل فِي النهار ﴾ يقال : وَلَجَ، يَلِجُ، وُلُوجاً، وَلِجَةً - كعِدَة - ووَلْجاً - ك « وَعْدًا »، واتَّلَجَ، يتَّلِجُ، اتِّلاجاً، والأصل : اوْتَلج، يَوْتَلِجُ، اوتِلاَجاً، فقُلبت الواوُ تاءً قبل تاء الافتعال، نحو : اتَّعَدَ يتَّعِد اتِّعاداً.
قال الشاعر :[ الطويل ]
١٣٩٠- فَإنَّ القَوَافِي يَتَّلِجْنَ مَوَالِجاً | تَضَايَقَ عَنْهَا أنْ تَوَلَّجَهَا الإبَرْ |
وقول من قال : معناه النقص فإنما أراد اللازم؛ لأنه - تبارك وتعالى - إذا أدخل من هذا في هذا فقد نقص المأخوذ منه المُدْخَل في ذلك الآخر. وزعم بعضهم أن تولج بمعنى ترفع، وأن « في » بمعنى « على » وليس بشيءٍ.
وقيل : المعنى : أنه - تعالى - يأتي بالليل عقيب النهار -، فيُلْبس الدنيا ظُلْمَتَه - بعد أن كان فيها ضوءُ النهارِ - ثم يأتي بالنهار عقيب الليل، فيُلْبس الدنيا ضَوْءَه، فكأن المراد من إيلاج أحدهما في الآخر إيجاد كل واحد منهما عقيب الآخر.
قال ابن الخطيب :« والقول بأن معناه النقص أقرب إلى اللفظ؛ لأنه إذا كان النهار طويلاً، فجعل ما نقص منه زيادةٍ في الليل، كان ما نقص منه زيادة في الآخر ».
قوله :﴿ وَتُخْرِجُ الحي مِنَ الميت ﴾ اختلف القراء في لفظة « الْمَيِّتِ » فقرأ ابنُ كثير وأبو عَمْرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم لفظ « الْمَيْتِ » من غير تاء تأنيث - مُخَفَّفاً، في جميع القرآن، سواء وصف به الحيوان نحو :﴿ وَتُخْرِجُ الحي مِنَ الميت ﴾ [ آل عمران : ٢٧ ] أو الجماد نحو :﴿ فَسُقْنَاهُ إلى بَلَدٍ مَّيِّتٍ ﴾ [ فاطر : ٩ ] - مُنَكَّراً أو معرفاً كما تقدم ذكره - إلا قوله تعالى :﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ ﴾ [ الزمر : ٣٠ ]، وقوله :﴿ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ﴾ [ إبراهيم : ١٧ ] - في إبراهيم - مما لم يمت بعد، فإن الكل ثقلوه، وكذلك لفظ « الميتة » في قوله :﴿ وَآيَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة ﴾ [ يس : ٣٣ ] دون الميتة المذكورة مع الدم - فإن تلك لم يشدِّدْها إلا بعضُ قُرَّاء الشواذ - وكذلك قوله :﴿ وَإِن يَكُن مَّيْتَةً ﴾