القراء في هذه على أربع مراتِبَ، والإعراب متوقِّفٌ على ذلك :
المرتبة الأولى للكوفيين وابن عامر والبَزِّي عن ابن كثير : ها أنتم - بألف بعد الهاء، وهمزة مخففة بعدها.
المرتبة الثانية لأبي عمرو وقالون عن نافع : بألف بعد الهاء، وهمزة مسهَّلَة بين بين بعدها.
المرتبة الثالثة لورش، وله وجهانِ :
أحدهما : بهمزة مسهلة بين بين بعد الهاء دون ألف بينهما.
الثاني : بألفٍ صريحةٍ بعد الهاء بغير همزة بالكلية.
المرتبة الرابعة لقُنْبُل بهمزة مُخَفَّفَة بعد الهاء دون ألف.
فصل
اختلف الناسُ في هذه الهاء : فمنهم من قال : إنها « ها » التي للتنبيه الداخلة على أسماء الإشارة، وقد كثر الفصلُ بينها وبين أسماء الإشارةِ بالضمائر المرفوعة المنفصلة، نحو : ها أنت ذا قائماً، وها نحن، وها هم، وهؤلاء، وقد تُعادُ مع الإشارة بعد دخولها على الضمائرِ؛ توكيداً، كهذه الآية، ويقل الفصل بغير ذلك كقوله :[ البسيط ]
١٥٠٠- تَعَلَّمَنْ هَا - لَعَمْرُ اللهِ - ذَا قَسَماً | فَاقْدِرْ بِذَرْعِكَ وَانْظُرْ أيْنَ تَنْسَلِكُ |
١٥٠١- هَا - إنَّ - ذِي عِذْرَةٌ إنْ لا تَكُنْ قُبِلَتْ | فَإِنَّ صَاحِبَهَا قَدْ تَاهَ في الْبَلَدِ |
هذا معنى ما اعترض به أبو حيان على هؤلاء الأئمةِ، وإذا ثبت إبدال الهمزة هاءٌ هان الأمر، ولا نظر إلى كونها همزةَ استفهام، ولا غيرها، وهذا - أعني كونها همزة استفهام أبْدِلت هاءً - ظاهر قراءة قُنْبُلٍ، وورش؛ لأنهما لا يُدْخِلان ألفاً بين الهاء وهمزة « أنتم » ؛ لأن إدخال الألف لما كان لاستثقال توالي همزتين، فلما أبدلت الهمزة هاء زال الثقل لفظاً؛ فلم يُحتَج إلى فاصلةٍ، وقد جاء إبدال همزة الاستفهام ألفاً في قول الشاعر :[ الكامل ]
١٥٠٢- وَأتَتْ صَوَاحِبَهَا، وَقُلْنَ هَذَا الَّذِي | مَنَحَ الْمَوَدَّةَ غَيْرَنَا وَجَفَانَا |
ويضعف جعلها - على قراءتهما - « ها » التي للتنبيه؛ لأنه لم يُحْفَظ حَذْفُ ألِفِها، لا يقال : هَذَا زيد - بحذف ألف « ها » - كذا قيل.
قال شهاب الدّينِ :« وقد حذفها ابنُ عامر في ثلاثة مواضع - إلا أنه ضم الهاء الباقية بعد حذف الألف - فقرأ - في الوصل - :﴿ ياأيها الساحر ﴾ [ الزخرف : ٤٩ ] و ﴿ وتوبوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَا المؤمنون ﴾