وسواء قرئ برفع ﴿ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ ﴾ و بنصبه إذا جعلناه معطوفاً على « يَقُولَ » فإن الضمير يعود على « بشر » لا غير، [ ويؤيد هذا قولُ بعضهم : ووجه القراءة بالنصب أن يكون معطوفاً على الفعل المنصوب قبله، فيكون الضمير المرفوع لِ « بشر » لا غير يعني بما قبله « ثُمَّ يَقُولَ ».
ولما ذكر سيبويه قراءة الرفع جعل الضمير عائداً على « الله » تعالى ولم يذكر غير ذلك، فيحتمل أن يكون هو الأظهر عنده، ويُحْتَمَل أنه لا يجوز غيرُه، والأول أوْلَى.
قال بعضهم : وفي الضمير المنصوب في « يَأمُرُكُمْ » - على كلتا القراءتين - خروج من الغيبة إلى الخطاب على طريق الالتفات، فكأنه توهم أنه لما تقدم في قوله ذكر النافي - في قوله :﴿ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ ﴾ كان ينبغي أن يكون النظم ولا يأمرهم؛ جرياً على ما تقدم، وليس كذلك، بل هذا ابتداء خطابٍ، لا التفات فيه.
قوله :﴿ أَيَأْمُرُكُم بالكفر ﴾ الهمزة للاستفهام بمعنى الإنكار، يعني أنه لا يفعل ذلك.
قوله :﴿ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ « بَعْدَ » متعلق ب « يَأمُرُكُمْ » وبعد ظرف زمان مضاف لظرف زمان ماضٍ وقد تقدّم أنه لا يضافُ إليه إلا الزمان، نحو حينئذٍ ويومئذٍ. و ﴿ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ في محل خفض بالإضافة؛ لأن « إذْ » تضاف إلى الجملة مطلقاً.
قال الزمخشريُّ :« بَعْدَ إذ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ » دليلٌ على أن المخاطبين كانوا مسلمين، وهم الذين استأذنوا الرسول ﷺ أن يَسْجُدُوا له.