قوله :﴿ وَغَرَّهُمْ فِى دِينِهِمْ ﴾ الغُرور : الخِدَاع، يقال منه : غَرًَّهُ، يَغُرُّهُ، غُرُوراً، فهو غَارٌّ، ومغرور.
والغَرُور :- بالفتح - مثال مبالغة كالضَّرُوب.
والغِرُّ : الصغير، والغِرِّيرَة : الصغيرة؛ لأنهما يُخ
عان، و الغِرَّة : مأخوذة من هذا، قال : أخذه على غِرَّة، أي : تغفُّل وخداعِ، والغُرَّة : بياض في الوجه، يقال منه : وَجْهٌ أغَرُّ، ورجل أغَرّ وامرأة غَرَّاء.
والجمع القياسي : غُرٌّ، و غير القياسي غُرَّانُ.
قال :[ الطويل ]
١٣٧٧- ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ | وَأوْجُهُهُمْ عِنْدَ الْمَشَاهِدِ غُرَّانُ |
قيل : الغُرًَّة : الخِيار، وقال أبو عمرو بن العلاء - في تفسير هذا الحديث - إنه لا يكون إلا الأبيض من الرقيق، كأنه أخَذَه من الغُرَّة، وهو البياض في الوَجْه.
قوله :﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ « ما » يجوز أن تكون مصدريةً، أو بمعنى « الذي »، والعائد محذوف أي : الذي كانوا يفترونه.
قيل هو قولهم :﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [ المائدة : ١٨ ].
وقيل : هو قولهم : نحن على الحق وأنت على الباطل.
قوله :« فَكَيْفَ إذا » « كَيْفَ » منصوبة بفعل مُضْمَر، تقديره : كيف يكون حالهم، كذا قدَّره الحوفيّ وهذا يحتمل أن يكون الكون تاماً، فيجيء في « كيف » الوجهان المتقدمان في قوله :« كَيْفَ تَكْفُرُونَ » من التشبيه بالحال، أو الظرف، وأن تكون الناقصة فتكون « كيف » خبرها.
وقدّر بعضهم الفعل، فقال : كيف يصنعون؟ [ فإن أراد « كان » التامة كانت في موضع نصب على الحال، وإن أراد الناقصة كانت في موضع نصب على خبر « كان » ]، فكيف على ما تقدم من الوجهين.
ويجوز أن تكون « كيف » خبراً مقدماً والمبتدأ محذوف، تقديره : فكيف حالُهم؟
قوله :﴿ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ ﴾ « إذا » ظرف محض من غير تضمين شرط، والعامل فيه العامل مُضْمَر، وهي منصوبة انتصاب الظروفِ كان العامل في « إذَا » الاستقرار العامل في « كَيْفَ » ؛ لأنها كالظرف، وإن قلنا : إنها اسم غير ظرف، بل لمجرد السؤال كان العامل فيها نفس المبتدأ - الذي قدرناه - أي : كيف حالهم في وقت جمعهم؟
ويُحْذَف الحال - كثيراً - مع « كيف »، لدلالته عليها، تقول : كنت أكرمه - ولم يزرني - فكيف لو زارني؟ أي : كيف حاله إذا زارني؟ وهذا الحذف يوجب مزيد البلاغة، لما فيه من تحرُّك النفي على استحضار كل نوع من أنواع الكرامة، وكل نوع من أنواع العذاب - في هذه الآية -.
قوله :« لِيَوْمٍ » متعلق ب « جَمَعْنَاهُمْ » أي : لقضاء يوم، أو لجزاء يوم.