الظاهر في هذه أنّ الوقف على « سَوَاءٌ » تام؛ فإن الواو اسم « ليس » و « سواء » خبر، والواو تعود على أهل الكتاب المتقدم ذكرهم.
ولامعنى : أنهم منقسمون إلى مؤمن وكافر؛ لقوله :﴿ مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون ﴾ [ آل عمران : ١١٠ ]، فانتفى استواؤهم.
و « سواء » - في الأصل - مصدر، ولذلك وُحِّدَ، وقد تقدم تحقيقه أول البقرة.
قال أبو عبيدة : الواو في « لَيْسُوا » علامة جمع، وليست ضميراً، واسم « ليس » - على هذا - « أمة » و « قَائِمَةٌ » صفتها، وكذا « يَتْلُونَ »، وهذا على لغة « أكلوني البراغيث ».
كقول الآخر :[ المتقارب ]
١٥٧٥- يَلُومَونَنِي فِي اشْتِرَاءِ النَّخِي | لِ أهْلِي، فَكُلُّهُمْ بعَذْلِ أَلُومُ |
قال ابنُ عطية : وما قاله أبو أبو عبيدةَ خطأٌ مردودٌ، ولم يبيِّن وَجْهَ الخطأ، وكأنه توهم أن اسم « ليس » هو ﴿ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ ﴾ فقط، وأنه لا محذوفَ ثَمَّ؛ إذ ليس الغرض تفاوت الأمة القائمة التالية، فإذا قُدِّر - ثَمَّ - محذوف لم يكن قول أبي عبيدةَ خطأً مردوداً إلا أن بعضهم رد قوله بأنها لغة ضعيفة وقد تقدم ما فيها. والتقدير الذي يصح به المعنى : أي : ليس سواء من أهل الكتاب أمة قائمة، موصوفة بما ذُكِرَ، وأمة كافرة، فبهذا التقدير يصح به المعنى الذي نحا إليه أبو عُبَيْدَةَ.
وقال الفرَّاءُ : إن الوقفَ لا يتم على « سَوَاءً » فجعل الواو اسم « ليس »، و « سَوَاءً » خبرها - كما قال الجمهور - و « أمَّةٌ » مرتفعة ب « سَوَاءً » ارتفاع الفاعل، أي : ليس أهل الكتاب مستوياً، من أهل الكتاب أمة قائمة، موصوفة بما ذُكِر، وأمة كافرة، فبهذا التقدير يصح به المعنى الذي نحا إليه أبو عُبَيْدَةَ.
وقال الفرَّاءُ : إن الوقفَ لا يتم على « سَوَاءً » فجعل الواو اسم « ليس »، و « سَوَاءً » خبرها - كما قال الجمهور - و « أمَّةٌ » مرتفعة ب « سَوَاءً » ارتفاع الفاعل، أي : ليس أهل الكتاب مستوياً، من أهل الكتاب أمة قائمة، موصوفة بما ذُكِر، وأمة كافرة، فحُذِفَت هذه الجملةُ المعادلة؛ لدلالة القسم الأول عليها؛ فإن مذهب العرب إذا ذُكِرَ أحد الضدين، أغْنَى عن ذِكر الضِّدِّ الآخَر.
قال أبو ذُؤيب :[ الطويل ]
١٥٧٦- دَعَانِي إلَيْهَا الْقَلْبُ إنِّي لأمْرِهَا | سَمِيعٌ، فَمَا أدْرِي أرُشْدٌ طِلاَبُها؟ |