انتهى.
قال شهَابُ الدِّينِ :« إن عنى الشيخ أنه لم يدخل حرف التعليل ألبتة، فهذا لا يمكن إنكاره ألبتة، وإن عنى أنه لم يدخله بالمعنى الذي قصده الإمام فسَهْل ».
وقال الجُرْجَانِيُّ في نظمه :« هذا على تأويل : وما جعله الله إلا ليبشركم ولتطمئن، ومن أجاز إقحام الواو - وهو مذهب الكوفيين - جعلها مقحمة في ﴿ وَلِتَطْمَئِنَّ ﴾ فيكون التقدير : وما جعله الله إلا بشرى لكم؛ لتطمئنَّ قلوبكم به ».
والضميران في قوله ﴿ وَمَا جَعَلَهُ ﴾، و « بِهِ » يعودان على الإمداد المفهومِ من الفعل المتقدم، وهو قوله :« يمددكم ».
وقيل : يعودان على النصر.
وقيل : على التسويم.
وقيل : على التنزيل.
وقيل : على المدد.
وقيل : على الوعد.
فصل
قال في هذه الآية :« لَكُمْ » وتركها في سورة الأنفال؛ لأن تيك مختصر هذه، فكان الإطناب - هنا- أوْلَى؛ لأن القصة مكملة هنا، فناسب إيناسهم بالخطاب المواجه، وأخر - هنا - « به » وقدمه في سورة الأنفال؛ لأن الخطاب - هنا - موجود في « لَكُمْ » فأتبع الخطاب الخطاب، وهنا جاء بالصفتين تابعتين في قوله :﴿ العزيز الحكيم ﴾ وجاء بهما في جملة مستأنفة في سورة الأنفال، في قوله :﴿ إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [ الأنفال : ١٠ ] ؛ لأنه لما خاطبهم - هنا - حسن تعجيل بشارتهم بأنه عزيز حكيم، أي : لا يغالب، وأن أفعاله كلها متقنة حكمة وصواب، فالنصر من عند÷ فاستعينوا به، وتوكلوا عليه؛ لأن العز والحُكْم له.
قوله :﴿ لِيَقْطَعَ ﴾ في متعلق هذه اللام سبعة أوجه :
أحدها : أنها متعلقة بقوله :﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ الله ﴾ قاله الحوفيّ، وفيه بُعْدٌ؛ لطول الفَصْل.
الثاني : أنها متعلقة بالنصر في قوله :﴿ وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله ﴾ والمعنى : أن المقصود من نصركم، هو أن تقطعوا طرفاً من الذين كفروا، أي : تملكوا طائفة منهم، وتقتلوا قطعة منهم، وفي هذا نظر من حيث إنه قد فصل بين المصدر ومتعلقه بأجنبيّ، وهو الخبر.
الثالث : أنها متعلقة بما تعلَّق به الخبر، وهو قوله :﴿ مِنْ عِندِ الله ﴾، والتقدير : وما النصر إلا كائن، أو إلا مستقر من عند الله ليقطع.
والرابع : أنها متعلقة بمحذوف، تقديره : أمَدَّكُم، أو نَصَرَكُم، ليقطَعَ.
الخامس : أنها معطوفة على قوله :« ولتطمئن » حذف حرف لعطف لفهم المعنى؛ لأنه إذا كان البعض قريباً من البعض جاز حذف العاطف، كقوله :﴿ ثلاثة رابعهم كلبهم ﴾ وقول السيد لعبده : أكرمتك لتخدمني، لتعينني، لتقوم بخدمتي، فحذف العاطف لقُرْب البعض من البعض، فكذا هنا وعلى هذا فتكون الجملة في قوله :﴿ وما النصر إلا من عند الله ﴾ اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه، وهو ساقط الاعتبار.