السادس : أنها متعلقة بالجَعْل قاله ابن عطية.
السابع : أنها متعلقة بقوله :﴿ يُمْدِدْكُمْ ﴾ وفيه بُعْدٌ؛ للفواصل بينهما.
والطرف : المراد به : جماعة، وطائفة، وإنما حَسَُ ذِكْر الطرف - هنا- ولم يحسن ذكر الوسط؛ لأنه لا وصول إلى الوَسَطِ إلا بعد الأخذ من الطرف، وهذا يوافق قوله تعالى :﴿ قَاتِلُواْ الذين يَلُونَكُمْ ﴾ [ التوبة : ١٢٣ ] وقوله :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ [ الرعد : ٤١ ].
قوله :﴿ مِّنَ الذين ﴾ يجوز أن يكون متعلِّقاً بالقَطْع، فتكون « مِنْ » لابتداء الغاية، ويجوز أن يتعلق بمحذوف، على أنه صفة ل « طَرَفاً » وتكون « مِنْ » للتبعيض.
قوله :﴿ أَوْ يَكْبِتَهُمْ ﴾ عطف على « لِيَقْطَعَ ».
و « أو » ؛ قيل : على بابها من التفصيل، أي : ليقطع طرفاً من البعض، ويكبت بعضاً آخرين.
وقيل : بل هي بمعنى الواو، أي : يجمع عليهم الشيئين.
والكبت : الإصابة بمكروه.
وقيل : هو الصَّرع للوجْه واليدين، وعلى هذين فالتاء أصلية، ليست بدلاً من شيء، بل هي مادة مستقلة.
وقيل : أصله من كبده، إذا أصابه بمكروه أثر في كبده وَجَعاً، كقولك : رأسته، أي : أصبت رأسه، ويدل على ذلك قراءة لاحق بن حُمَيد : أو يكبدَهم - بالدال - والعرب تُبْدِل التاء من الدال، قالوا : هَرَتَ الثوبَ، وهردَه، وسَبَتَ رأسَه، وسَبَدَه - إذا حَلَقَه-.
وقد قيل : إنّ قراءة لاحق أصلها التاء، وإنما أُبدِلت دالاً، كقولهم : سبد رأسه، وهرد الثوب، والأصل فيهما التاء.
فصل
معنى قوله :﴿ لِيَقْطَعَ طَرَفًا ﴾ أي : ليُهْلِكَ طائفة.
وقال السُّدِّيُّ : لِيَهْدِمَ رُكْناً من أركان الشرك بالقتل والأسر، فقُتِل من قادتهم وسادتهم يوم بدر - سبعون، وأُسِر سبعون، ومَنْ حَمَل الآيةَ على أحُد، فقد قُتِل منهم يومئذ ستة عشر، وكانت النُّصرة للمسلمين، حتى خالفوا أمر رسول الله ﷺ فانقلبت عليهم.
﴿ أَوْ يَكْبِتَهُمْ ﴾.
قال الكلبي : يهزمهم.
وقال السُّدي : يلعنهم.
وقال أبو عبيدة : يُهْلِكهم ويصرعهم على وجوههم.
وقيل : يُخْزِيهم والمكبوت الحزين.
وقيل : يَغِيظهم.
وقيل : يُذلهم.
قوله :﴿ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ ﴾ لن ينالوا خيراً مما كانوا يرجون من الظفر بكم.
والخيبة لا تكون إلا بعد التوقُّع، وأما اليأس فإنه يكون بعد التوقُّع وقبلَه، فنقيض اليأس الرجاء، ونقيض الخيبة : الظفر يقال : خَابَ يَخِيبُ خَيْبَةً.
و ﴿ خَآئِبِينَ ﴾ نُصِبَ على الحال.