اختلفوا في سبب النزول.
فقيل : نزلت في قصة أُحُد، وهؤلاء اختلفوا على ثلاثة أقوالٍ :
أحدها : أنه ﷺ أراد أن يدعُوَ على الكفار، فنزلت هذه الآيةُ، وهؤلاء ذكروا أقوالاً :
أحدها : أن عُتْبَةَ بن أبي وقاص شجَّه، وكسر رَبَاعِيَتَهُ، فجعل يمسحُ الدمَ عن وجهه، وسالم مولى أبي حذيفة يغسل عن وجهه الدم، وهو يقول : كيف يُفْلِح قومٌ خضَّبوا وَجْه نبيهم بالدم، وهو يدعوهم إلى ربهم؟ ثم أراد أن يدعُوَ عليهم، فنزلت هذه الآية.
وروى سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أن النبي ﷺ لَعَنَ أقوماً، فقال :« اللهم العن أبا سفيان، الهم العن الحارثَ بن هشام، اللهم العن صفوانَ بن أمَيَّة »، فنزلت هذه الآية.
﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ فتابَ على هؤلاءِ، وحَسُنَ إسلامهم.
وقيل : نزلت في حَمْزَةَ بن عبد المطلب لما رأى النبيُّ ﷺ ما فعلوا به من المُثْلَة، قال : لأمَثِّلَنَّ بهم كما مثّلوا به. فنزلت هذه الآية.
﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ فتابَ على هؤلاءِ، وحَسُنَ إسلامِهم.
وقيل : نزلت في حَمْزَةَ بن عبد المطلب لما رأى النبيُّ ﷺ ما فعلوا به من المُثْلَة، قال : لأمَثِّلَنَّ بهم كما مثّلوا به. فنزلت هذه الآية.
قال القفال : وكل هذه الأشياء حصلت يومُ أُحُد، فنزلت الآيةُ عند الكل، فلا يمنع حملها على الكل.
الثاني : أنها نزلت بسبب أنه ﷺ أراد أن يلعنَ المسلمين الذين خالفوا أمره والذين انهزموا، فمنعه الله من ذلك قاله ابنُ عباس.
الثالث : أنه ﷺ أراد أنْ يستغفرَ للمسلمين الذين انهزموا، وخالفوا أمره، ويدعوَ لهم، فنزلت الآية.
القول الثاني : أنها نزلت في واقعةٍ أخرى، وهي أنه ﷺ بعث جَمْعاً من خيار أصْحَابه - وهم سبعون رجلاً من القُرَّاء إلى بِئْر معونة، في صفر سنة أربع من الهجرة، على رأس أربعة أشهر من أحد، ليُعَلِّموا الناسَ القرآن والعلم، أميرهم المنذر بن عمرو، فذهب إليهم عامر بن الطفيل مع عسكره فقتلهم، فوَجِدَ رسولُ الله ﷺ من ذلك وَجْداً شديداً، وقَنَتَ شهراً في الصلوات كلِّها يدعو على جماعة من تلك القبائلِ باللعن والسنين، فنزلت الآية، قاله مقاتل وأكثر العلماء متفقون على أنها في قصة أحد.
فإن قيل : ظاهر هذه الآية يدل على أنها وردت للمنع من أمرٍ كان ﷺ يريد أن يفعلَه، وذلك الفعل إن كان بأمر الله، فكيف يمنعه منه؟ وإن كان بغير أمر الله، فكيف يصح هذا مع قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon