الثاني : أنه علَّمه الأسماء كلَّها.
الثالث : أنه أمر الملائكة أن يسجدوا له.
الرابع : أنه أسكنه الجنة.
الخامس : أنه جعله أبا البشر.
واختار نوحاً بخمسة أشياءٍ :
أولها : أنه جعله أبا البشر - بعد آدم-؛ لأن الناس كلَّهم غرقوا، وصار ذريته هم الباقين.
الثاني : أنه أطال عمره، ويقال :« طوبى لمن طال عمره وحسن عمله ».
الثالث : أنه استجاب دعاءه على الكافرين والمؤمنين.
الرابع : أنه حمله على السفينة.
الخامس : أنه كان أول من نسخ الشرائع، وكان قبل ذلك لم يُحَرَّم تزويج الخالات والعمات.
واختار إبراهيم بخمسة أشياءٍ :
أولها : أنه خرج منها جراً إلى ربه ليَهْدِيه.
الثاني : أنه اتخذه خليلاً.
الثالث : أنه أنجاه من النار.
الرابع : أنه جعله للناس إماماً.
الخامس : أنه ابتلاه بالكلمات فوفقه حتى أتمهن.
وأما آل عمران فإن كان عمران أبا موسى وهارون فإنهم اختارهما على العالمين؛ حيث أنزل على قومهما المن والسلْوى، وذلك لم يكن لأحد من الأنبياء في العالم وإن كان عمران أبا مريم فإنه اصطفى مريم بولادة عيسى من غير أب، ولك لم يكن لأحد من العالمين والله أعلم.

فصل


ذكر الحليمي في كتابه - المنهاج للأنبياء - قال : لا بد وأن يكونوا مخالفين لغيرهم في القُوَى الجسمانية، والقوى الروحانية، أما القوى الجسمانية، فهي إما مُدْرِكة، وإمَّا محرِّكة؛ أما المدركة فهي إما الحواس الظاهرة، وإما الحواس الباطنة، أما الحواس الظاهرة فهي خمسة :
أحدها : القوة الباصرة، فكان ﷺ مخصوصاً بكمال هذه الصفة، لقوله :« زويت لي الأرض، فأريت مشارقها ومغاربها » وقوله :« أقيموا صفوفكم وتراصوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري » ونظير هذه القوة ما حصل لإبراهيم - عليه السلام - قال تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السماوات والأرض ﴾ [ الأنعام : ٧٥ ] وذكر في تفسيرها أنه - تعالى قَوَّى بصره حتى شاهد جميع الملكوت من الأعلى والأسفل.
قال الحليمي : وهذا غير مُسْتبعَد؛ لأن البُصراء يتفاوتون، فيُرْوَى أن زرقاء اليمامةِ كانت تُبْصِر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام، فلا يبعد أن يكون بَصَرُ النبي ﷺ أقْوَى من بصرها.
وثانيها : القوة السامعة، فكان - عليه السلام - أقوى الناسِ في هذه القوة؛ لقوله :« أطت السماء وحق لها أن تئط؛ ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد لله تعالى ».
وسمع أطيط السماء وسمع دوياً فذكر أنه هويّ صخرة قذفت في جهنم، فلم تبلغ مقرها إلى الآن.
قال الحليمي : ولا سبيل للفلاسفة إلى استبعاد هذا؛ فإنهم زعموا أن فيثاغورث راضَ نفسه حتى سمع حفيف الفلك. ونظير هذه القوة لسليمان - عليه السلام - في قصة النملة حيث قالت :﴿ ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ ﴾


الصفحة التالية
Icon