﴿ فَمَن يُجَادِلُ الله عَنْهُمْ يَوْمَ القيامة أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ﴾ [ النساء : ١٠٩ ] أي : مانعاً.
الثاني : بمعنى : الشاهدِ، قال تعالى :﴿ وكفى بالله وَكِيلاً ﴾ [ النساء : ٨١، ١٣٢، ١٧١ ] أي : شهيداً، ومثله قوله :﴿ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ والله على كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [ هود : ١٢ ]. أي : شاهد، ومثله :﴿ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ والله على مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ [ القصص : ٢٨ ] أي : شهيد.
قوله :﴿ وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ] عطف « قالوا » على « فزادهم » والجملة بعد القول في محل نَصْب به.
قوله :﴿ وَنِعْمَ الوكيل ﴾ المخصوصُ بالمدحِ، أي : الله تعالى.
قوله :﴿ فانقلبوا بِنِعْمَةٍ ﴾ في متعلق باء « بنعمة » وجهانِ :
أحدهما : أنها متعلقة بنفس الفعل على أنها باء التعدية؟
الثاني : أنها تتعلَّق بمحذوف، على أنَّها حال من الضمير في « انقلبوا » والباء على هذه المصاحبة، كأنه قيل : فانقلبوا ملتبسين بنعمة ومصاحبين لها. والتقدير : وخرجوا فانقلبوا، وحذف الخروجُ؛ لأن الانقلابَ يدل عليه، كقول :﴿ أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر فانفلق ﴾ [ الشعراء : ٦٣ ] أي : فضرب فتنفلق ومعنى الآية :« فانقلبوا » بعافية، لم يلقوا عدواً « وفضل » تجارة وربح، وهو ما أصابوا من السوق.
قوله :﴿ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سواء ﴾ هذه الجملة في محل نصب على الحال -أيضاً- وفي ذي الحال وجهان :
أحدهما : أنه فاعل « انقلبوا » أي : انقلبوا سالمين من السوء.
الثاني : أنه الضمير المستكن في « بنعمة » إذا كانت حالاً، والتقدير : فانقلبوا منعَّمينَ بريئينَ من السوء. والعاملُ فيها : العامل في بنعمة فهما حالان متداخلان، والحال إذا وقعت مضارعاً منفياً ب « لم » وفيها ضمير ذي الحال جاز دخول الواو وعدمه فمن الأول قوله تعالى :﴿ أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ﴾ [ الأنعام : ٩٣ ] وقول كعب :[ البسيط ]
١٦٩١- لا تَأخُذَنِّي بِأقْوالِ الوُشَاةِ وَلَمْ | أذْنِبْ وَلَوْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقَاوِيلُ |
١٦٩٢- وَأضْرِبُ الْقَوْنَسَ يَوْمَ الْوَغَى | بِالسَّيْفِ لَمْ يَقْصُرْ بِهِ بَاعِي |
قوله :﴿ واتبعوا ﴾ يجوز في هذه الجملة وجهانِ :
الأول : أنا عطف على « انقلبوا ».
الثاني : أنها حال من فاعل « انقلبوا » -أيضاً- ويكون على إضمار « قد » أي : وقد اتبعوا.
فصل
قال القرطبيُّ :« وقد اختلف العلماء في زيادة الإيمان ونُقْصانه على أقوال، والعقيدة في هذا على أن نفس الإيمان -الذي هو تاج- واحدٌ، وتصديق واحد بشيء ما إنما هو معنى مفرد، لا يدخل معه زيادة إذا حصل، ولا يبقى منه شيء إذا زال، فلم يَبْقَ إلا أن تكون الزيادة والنقصان في متعلقاته، دون ذاتِهِ. ومعنى الآية : زادهم قولِ الناسِ إيماناً ونُصْرَةً ويقيناً في دينهم، وإقامة على نُصْرَته، وقوةً وجرأةً واستعداداً، فزيادة الإيمان -على هذا- هي في الأعمال ».