١٧١٠- لا تَجْزَعِي إنْ مُنْفِساً أهْلَكْتُهُ فَإذَا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذلِكَ فَاجْزَعِي
وقول الآخر :[ الكامل ]
١٧١١- لَمَّا اتَّقَى بِيَدٍ عَظِيمٍ جِرْمُهَا فَتَرَكْتُ ضَاحِيَ جِلْدِهَا يَتَذَبْذَبُ
وقول الآخر :[ الكامل ]
١٧١٢- حَتَّى تَرَكْتُ العَائِدَاتِ يَعُدْنَهُ... فَيَقُلْنَ : لا تَبْعَدْ، وَقُلْتُ لَهُ : ابْعَدِ
إلا أنَّ زيادةَ الفاءِ ليس رأي الجمهورِ، إنما قال به الأخفش.
وأما قراءة نافع وابن عامرٍ -بالغيبة في الأولِ، والخطاب في الثاني- فوجهها أنهما غايرا بين الفاعلين، والكلام فيهما يؤخذ مما تقدم، فيؤخذ الكلام في الفعل الأول من الكلام على قراءة أبي عمرو وابن كثير، وفي الثاني من الكلام على قراءة الكوفيين بما يليق به، إلا أنه ممتنع -هنا- أن يكون الفعل الثاني تأكيداً للأول، أو بدلاً منه؛ لاختلاف فاعليهما، فتكون الفاء -هنا- عاطفةً ليس إلا، وقال أبو علي في الحُجة- : إن الفاءَ زائدة، والثاني بدلٌ من الأولِ، قال :« وليس هذا موضع العطف لأن الكلامَ لم يتم، ألا ترى أن المفعول الثاني لم يُذْكَر بَعْدُ ».
وفيه نظرٌ؛ لاختلاف الفعلين باختلاف فاعليهما.
وأما قراءة الخطاب فيهما مع ضم الباء فيهما فالفعلان مسندان لضمير المؤمنين المخاطبين، والكلام في المفعولين كالكلام فيهما في قراءة الكوفيينَ.
وأما قراءةُ الغيبةِ وفتح الباء فيهما فالفعلان مسندانِ إلى ضميرٍ غائبٍ، أي : لا يحسبن الرسولُ، أو حاسبٌ.
والكلامُ في المفعولينِ للفعلينِ، كالكلام في القراءة التي قبلها، والثاني من الفعلين تأكيدٌ، أو بدلٌ، والفاءُ زائدةٌ -على هاتينِ القرائتينِ- لاتحادِ الفاعلِ.
وقرأ النَّخعِيُّ، ومروان بن الحكمِ « بما آتوا » ممدوداً، أي : أعْطُوا، وقرأ علي بن أبي طالبٍ « أوتوا » مبنياً للمفعول.

فصل


قال ابنُ عبّاسٍ : قوله :﴿ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ ﴾ هم اليهودُ، حرَّفوا التوراةَ، وفرحوا بذلك، وأحبوا أن يوصَفُوا بالديانةِ والفَضْلِ.
وقيل : سأل رسولُ اللهِ - ﷺ اليهودَ عن شيء من التوراة، فأخبروه بخلافه، وفرحوا بذلك التلبيسِ وطلبوا أن يثنى عليهم بذلك.
وقيل : فرحوا بكتمان النصوص الدالة على نبوة محمد ﷺ وأحبوا أن يُحْمَدُوا بأنهم متبعون دين إبراهيم.
وقيل : هُم المنافقونَ، فرحوا بِنفَاقِهِمْ للمسلمينَ، وأحبُّوا أن يَحْمَدَهم النبيُّ ﷺ على الإيمانِ.
وقيل : هم بعض المنافقينَ، تخلفوا عن رسول الله ﷺ في الغَزْو، وفرحوا بقعودهم، واعتذروا، وطمعوا أن يُثَنَى عليهم بالاعتراف بنبوة محمد ﷺ وفَرِحوا بذلك الكتمان، وزعموا أنهم أبناءُ اللهِ وأحباؤهُ.


الصفحة التالية
Icon