﴿ وَيُبَشِّرُ المؤمنين ﴾ [ الإسراء : ٩ ] وفي سورة الكهف :﴿ وَيُبَشِّرُ المؤمنين ﴾ - بضم الياء، وفتح الباء، وكسر الشين مشددة - من بَشَّرَه، يُبَشِّرُه.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم - ثلاثتهم - كذلك في سورة الشورى، وهو قوله :﴿ ذَلِكَ الذي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الذين آمَنُواْ ﴾ [ الشورى : ٢٣ ].
وقرأ الجميع - دون حمزة - - كذلك في سورة براءة :﴿ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ ﴾ [ التوبة : ٢١ ] وفي الحجر - في قوله :﴿ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ﴾ [ الحجر : ٥٣ ] - ولا خلاف في الثاني - وهو قوله :﴿ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ﴾ [ الحجر : ٥٤ ] - أنه بالتثقيل.
وكذلك قرأ الجميع - دون حمزة - في سورة مريم - في موضعين ﴿ إِنَّا نُبَشِّرُكَ ﴾ [ مريم : ٧ ] وقوله :﴿ لِتُبَشِّرَ بِهِ المتقين ﴾ [ مريم : ٩٧ ]. وكل من لم يذكر من قرأ بالتقييد المذكور فإنه يقرأ بفتح حرف المضارعة، وسكون الياء وضم الشين.
وإذا أردت معرفة ضبط هذا الفَضل، فاعلم أن المواضع التي وقع فيها الخلاف المذكور تسع كلماتٍ، والقُرَّاء فيه على أربع مراتبٍ :
فنافع وابن عامر وعاصم ثَقَّلُوا الجميعَ.
وحمزة خفّف الجميع إلا قوله :﴿ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ﴾ [ الحجر : ٥٤ ].
وابن كثير وأبو عمرو ثقلا الجميعَ إلا التي في سورة الشورَى فإنهما وافقَا فيها حمزة. والكسائي خفَّف خمساً منها، وثقَّل أربعاً، فخفَّفَ كلمتي هذه السورةِ، وكلمات الإسراء والكهفِ والشورَى. وقد تقدم أن في هذا الفعل ثلاث لغاتٍ : بشَّر - بالتشديد - وبَشَرَ - بالتخفيف -.
وعليه ما أنشده الفراء قوله :[ الطويل ]

١٤٣١- بَشَرْتَ عِيَالِي إذْ رَأيْتَ صَحِيفَةً أتَتْكَ مِنَ الْحَجَّاجِ يُتْلَى كِتَابُهَا
الثالثة : أبْشَرَ - رباعياً - وعليه قراءة بعضهم « يُبَشِّرُكَ » - بضم الياء.
ومن التبشير قول الآخر :[ الكامل ]
١٤٣٢- يَا بِشْرُ حُقَّ لِوَجْهِكَ التَّبْشِيرُ هَلاَّ غَضِبْتَ لَنَا وَأنْتَ أمِيْرُ؟
وقد أجمع على مواضع من هذه اللغات نحو « فَبَشِّرْهُمْ ». ﴿ وَأَبْشِرُوا ﴾ [ فصلت : ٣٠ ]، ﴿ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ ﴾ [ هود : ٧١ ]. قالوا :﴿ بَشَّرْنَاكَ بالحق ﴾ [ الحجر : ٥٥ ]. فلم يرد الخلاف إلا في المضارع دونَ الماضي.
وقد تقدم معنى البشارة واشتقاقها في سورة البقرة.
قوله :﴿ بيحيى ﴾ متعلق ب ﴿ يُبَشِّرُكَ ﴾ ولا بد من حذف مضاف، أي : بولادة يحيى؛ لأن الذوات ليست متعلقة للبشارة، ولا بد في الكلام من حذف معمول قاد إليه السياقُ، تقديره : بولادة يحيى منك ومن امرأتك، دلَّ على ذلك قرينةُ الحالِ وسياقُ الكلامِ.
و « يحيى » فيه قولان :
أحدهما- وهو المشهور عند المفسِّرين- : أنه منقول من الفعل المضارع وقد سَمُّوا بالأفعالِ كثيراً، نحو يعيش ويعمر ويموت.
قال قتادة :« سُمِّي ﴿ بيحيى ﴾ لأن الله أحياه بالإيمان ».
وقال الزَّجَّاج :« حيي بالعلم » وعلى هذا فهو ممنوع من الصرف للعلميَّة ووزن الفعل، نحو يزيد ويشكر وتغلب.
والثاني : أنه أعجميّ لا اشتقاق له - وهو الظاهر - فامتناعه للعلمية والعُجْمَة الشخصية.


الصفحة التالية
Icon