وعلى كلا القولين يُجْمَع على « يَحْيَوْنَ » بحَذْف الألف وبقاء الفتحةِ تدلّ عليها.
وقال الكوفيون : إن كان عربيَّا منقولاً من الفعل فالأمر كذلك، وإن كان أعجمياً ضُمَّ ما قبل الواو، وكسر ما قبل الياء؛ إجراءً له مُجْرَى المنقوص، نحو جاء القاضُون، ورأيت القاضِين، نقل هذا أبو حيّان نهم. ونقل ابنُ مالك عنم أن الاسم إن كانت ألفه زائدةً ضُمَّ ما قبلَ الواو، وكُسِرَ ما قبلَ الياءِ، نحو : جاء حبلون ورأيت حُبلِين، وإن كانت أصليةً نحو دُجَوْن وجب فتح ما قبل الحرفين.
قالوا : فإن كان أعجمياً جاز الوجهان؛ لاحتمال أن تكون ألفهُ أصليةً أو زائدة؛ إذْ لا يُعْرَف له اشتقاق. ويصغر يحيى على « يُحَيَّى » وأنشد للشيخ أبي عمرو بن الحاجب في ذلك :[ مجزوء الرمل ]
١٤٣٣- أيُّها الْعَالِمُ بِالتَّصْرِ... يفِ لا زِلْتَ تُحَيَّا
قَالَ قَوْمٌ : إنَّ يَحْيَى... إنْ يُصَغَّرْ فَيُحَيَّا
وَأبَى قَوْمٌ فَقَالُوا... لَيْسَ هَذَا الرَّأيُ حَيَّا
إنَّمَا كَانَ صَوَاباً... لَوْ أجَابُوا بِيُحَيَّا
كَيْفَ قَدْ رَدُّوا يُحَيَّا... أمْ تَرَى وَجْهاً يُحَيَّا؟
وهذا جارٍ مَجْرَى الألْغاز في تصغير هذه اللفظة، وذلك يختلف بالتصريف والعمل، وهو أنه لما اجتمع في آخر الاسم المصَغَّر ثلاثُ ياءاتٍ جرى فيه خلافٌ بين النحاة بالنسبةِ إلى الحَذْف والإثبات، وأصل المسألة تصغير « أحْوَى » ويُنْسَب إلى « يَحْيَى » « يَحْيَى » - بحذف الألف، تشبيهاً لها بالزائد - نحو حُبْلِيّ - في حُبْلَى - و « يَحْيَوِيّ » - بالقلب؛ لأنها أصل كألف مَلْهَوِيّ، أو شبيهة بالأصل إن كان أعجمياً - و « يَحْيَاوِيّ » - بزيادة ألف قبل قَلْبِ ألفِهِ واواً.
وقرأ حمزة والكسائي « يَحْيَى » بالإمالة؛ لأجل الياء والباقون بالتفخيم.
قال ابن عباس :« سُمِّيَ » يَحْيَى؛ لأن اللهَ أحيا به عَقْرَ أمِّه.
وقال قتادة : لأن الله أحيا قلبه بالإيمان.
وقيل : لأن الله أحياه بالطاعة حتى إنه لم يَعْصِ اللهَ، ولم يَهِمّ بمعصيةٍ.
قال القرطبي :« كان اسمه - في الكتاب الأول - حَيَا، وكان اسم سارة - زوجة إبراهيم - يسارة، وتفسيره بالعربية : لا تلد، فلما بُشِّرَت بإسحاق قيل لها : سارة، سمَّاها بذلك جبريل - عليه السلام - فقالت : يا إبراهيم، لم نقص من اسمي حرف؟ فقال إبراهيم ذلك لجبريل - عليه السلام - فقال : إن ذلك حرف زيد في اسمِ ابنٍ لها من أفضل الأنبياء، اسمه حيا، فسُمِّي بيَحْيَى ».
قوله :﴿ مُصَدِّقًا ﴾ حال من « يَحْيَى » وهذه حال مقدرة.
وقال ابن عطية :« هي حال مؤكدة بحسب حال هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ». و « بِكلِمةٍ » متعلق ب « مُصَدِّقاً ».
وقرأ أبو السّمال « بِكِلْمَةٍ » - بكسر الكاف وسكون اللام - وهي لغة صحيحة؛ وذلك أنه أتبع الفاء للعين في حركتها، فالتقى بذلك كسرتان، فحذف الثانيةَ؛ لأجل الاستثقال.


الصفحة التالية
Icon