قال تعالى :﴿ فَعَقَرُواْ الناقة ﴾ [ الأعراف : ٧٧ ].
وقال الشاعر :[ الطويل ]

١٤٤٤-...................... عَقَرْتَ بَعِيرِي يَا امْرَأ الْقَيْسِ فَانْزِلِ
وقيل : عاقر - على النسب - أي : ذات عقر، وهي بمعنى مفعول، أي : معقورة، ولذلك لم تلحق تاء التأنيث، والعَُقْر بفتح العين وضمها - أصل الشيء، ومنه عقر الدار، وعقر الحوض، وفي الحديث :« ما غُزِيَ قَوْمٌ قَطٌّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إلاَّ ذَلُّوا » وعقرته، أي : أصبت عقره، أي : أصله - نحو رأسته، أي أصبت رأسه، والعقر - أيضاً - آخر الولد، وكذلك بيضة العَقر، والعقار : الخمر لأنها تعقر العقل - مجازاً - وفي كلامهم رفع فلان عقيرته، أي : صوته، وذلك أن رَجَلاً عُقِرَ رجله فرفع صوته، فاستُعِير ذلك لكلّ من رفع صوته. وقال : وأنشد الفراء :[ الرجز ]
١٤٤٥- أرْزَامُ بَابٍ عَقُرَتْ أعْوَامَا فَعَلَّقَتْ بُنَيَّهَا تَسْمَامَا
وقال بعضهم : يقال : عَقُرت المرأةُ تعقُر عَقْراً وعَقَاراً ويقال : عَقُر الرجل وعَقَر وعَقِرَ إذا لم تَحْبَل زوجته، فجعل الفعل المسند إلى الرجل أوسع من المسند إلى المرأة.
قال الزّجّاج : عاقر بمعنى ذات عُقر قال : لأن فَعُلْت أسماء الفاعلين منه على فعيل نحو ظريفة، وكريمة، وإنما عاقر على ذات عُقْر، قلت : وهذا نص في أن الفعل المسند للمرأة لا يقال فيه إلا عَقُرَتْ - بضم القاف؛ إذْ لَوْ جاز فَتْحها، أو كسرها لجاء منهما فَاعِل - من غير تأويل على النسب، ومن ورود عاقر وصفاً للرجل قول عامر بن الطفيل :[ الطويل ]
١٤٤٦- لَبِئْسَ الْفَتَى إنْ كُنْتُ أعْوَرَ عَاقِراً جَبَاناً فَمَا عُذْرِي لَدَى كُلِّ مَحْضَرِ
قال القرطبيُّ :« والعاقر : العظيم من الرمل، لا يُنْبِت شيئاً، والعُقْر - أيضاً - مهر المرأة إذا وطئت بِشُبْهَةٍ وبَيْضَةُ الْعُقْر : زعموا أنها بيضة الديك، لأنه يبيض في عمره بيضةً واحدةً إلى الطول، وعقر النار - أيضاً - وسطها ومعظمها وعقر الحوض : مُؤخِّره - حيث تقف الإبل إذا وردت ».
قوله :﴿ قَالَ كَذَلِكَ ﴾ هذا القائل هو الرب المذكور في قوله :﴿ رَبِّ أنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ﴾ وقد ذكرنا أنه يحتمل أن يكون هو الله تعالى وأن يكون هو جبريل - عليه السلام.
قوله :﴿ كَذَلِكَ الله يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ ﴾ في الكاف وجهان :
أحدهما : أنها في محل نصب، وفيه التخريجان المشهوران :
الأول - وعليه أكثر المعربين- : أنها نعت لمصدر محذوف، وتقديره يفعل الله ما يشاء من الأفعال العجيبة، مثل ذاك الفعل، وهو خلق الولد بين شيخ فَانٍ وعجوز عاقرٍ.


الصفحة التالية
Icon