[ طه : ١١٥ ] وهذا لا يَسْبِقُه طَلَبٌ؛ لاستِحَالَتِه على الله -تعالى-.

فصل


قال أبو حنيفَة : التيمم هو القَصْد، والصَّعيد وهو ما يَصْعَد من الأرْض؛ فقوله « فتيمموا صعيداً طيِّباً » أي : اقْصُدوا أرْضاً، وقال الشَّافعي : هذه الآيةُ مطْلَقَة، وآية المائدة مُقيَّدة بقَوْله :﴿ مِّنْهُ ﴾ [ المائدة : ٦ ] وكلمة « مِنْ » للتَّبعيض، وهذا لا يَتَأتَّى في الصَّخْر الذي لا تُرَابَ علَيْه، فوجب حمل المُطْلَقِ على المُقَيَّد.
فإن قيل : إن كَلِمَة « مِنْ » لابْتداء الغَايَة، قال صَاحِب الكَشَّاف لا يَفْهَم أحدٌ من العرب من قَوْل القائِل : مَسَحْتُ برأسِهِ من الدُّهْن ومن المَاءِ ومن التُّرَاب، إلا مَعْنى التَّبْعيض.
ثم قال : والإذْعَان للحَقِّ أحقُّ من المِرَاء.
وقال الوَاحِدي : إنه -تعالى- قال :« صعيداً طيباً » والأرْض الطَّيِّبَة التي تُنْبِتُ؛ لقوله -تعالى- :﴿ والبلد الطيب يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ﴾ [ الأعراف : ٥٨ ]، وقال -E- :« التُّرابُ طَهُور المُسْلمِ إذَا لَمْ يجدِ المَاءَ ».
قوله :« فامحسوا بوجوهكم » هذا الجَارُّ متعلِّق ب « امسحوا » وهذه الباء يُحْتَمَل أن تكون زَائِدة، وبه قال أبُو البَقِاء، ويحتمل أن تكُون مُتعدِّية؛ لأن سيبويْه حكى : مَسَحْتُ رَاسه وبِرأسه، فيكون من بَابِ نَصَحْتُه ونَصَحْتُ له، وحذف المَسْمُوح به، وقد ظَهَر في آية المَائِدة، في قوله :﴿ مِّنْهُ ﴾ [ المائدة : ٦ ] فحُمِلَ عَلَيْه هذا.
ثم قال -تعالى- :« إن الله كان غفوراً رحيماً » وهو كِناية عن التَّرخيص والتَّيْسِير لأن من غَفَر للمذْنِبين، فبِأن يُرَخّص للعَاجِزين أوْلَى.

فصل


قال القرطبي : أجْمَع العلماءُ على أن التَّيَمُّم لا يَرْفعَ الجَنَابَة، ولا الحَدَث، وأن المُتَيِّمم لَهُما إذا وجد المَاءَ، عاد جُنُباً أو مُحْدِثاً كما كان؛ لقوله عليه السلام لأبي ذر :« إذَا وَجَدْت المَاءَ، فأمِسَّهُ جِلْدَكَ ».

فصل


قال القرطبي : والمَسْحُ لفظ مُشْتَرَك يكون بمعنى الجماع، يقال : مَسَح الرَّجُل المَرْأة، إذا جَامَعهَا، والمَسْحُ : مسْح الشيء بالسَّيْف وقَطْعه به، ومَسَحَت الإبل يَوْمَها إذا سَارَت، والمسْحَاءُ المرأة الرسماء التي لا أسْت لها، ولِفُلان مَسْحَة من جمالٍ، والمُرادُ هُنا بالمَسْحِ : عبارة عن مَرِّ اليد على المَمْسُوح.


الصفحة التالية
Icon