فصل
قال مالك والشافعيُّ :-رحمهما الله تعالى - « إذا تزوج خامسة وعنده أربع عليه الحد إن كان عالماً ».
وقال الزُّهْرِيُّ :« يرجم إذا كان عالماً، وإذا كان جاهلاً عليه أدنى الحدين، الذي هو الجلد وهو مهرها، ويفرِّق بينهما ولا يجتمعان أبداً ».
وقال النُّعْمَانُ :« لا حدّ عيه في شيء من ذلك ».
وقالت طائفة :« يحدُّ في ذات المحرم، ولا يحدّ في غير ذلك من النكاح، مثل أن يتزوج مجوسية، أو خمساً في عقد، أو تزوّج معتدة، أو بغير شهود، أو [ تزوج ] أمة بغير إذن مولاها ».
قوله :﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ ﴾ شرط، إذا أنتج من الآيتين هذه وقوله :﴿ وَلَن تستطيعوا ﴾ [ النساء : ١٢٩ ] ما أنتج [ من ] الدلالة اقتضى أنه لا يجوز أن يتزوّج غير واحدة، أو يتسرَّى بما ملكت يمينه، ويبقى الفصل بجملة الاعتراض لا فائدة له، بَلْ يكون لغواً على زعمه.
والجمهور على نصب « فواحدة » بإضمار فعل أي : فانكحوا واحدة وطؤوا ما ملكت أيمانكم، وإنما قدّرنا ناصباً آخر لملك اليمين؛ لأن النكاح لا يقع في ملك اليمين، إلا أن يريد به الوطء في هذا، والتزويج في الأول، فيلزم استعمال المشترك في معنيين أو الجمع بين الحقيقة والمجاز، وكلاهما مقول به، وهذا قريب من قوله :[ الرجز ]
١٧٤٢- عَلَفْتُهَا تِبْنَاً وَمَاءً بَارِدَاً | .............................. |
وقرأ الحسن وأبو جعفر :« فواحدةٌ » بالرفع، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : الرفع بالابتداء، وسوَّغ الابتداء بالنكرة اعتمادها على فاء الجزاء، والخبر محذوف أي : فواحدة كافية.
الثاني : أنه خبر مبتدأ محذوف أي فالمقنع واحدة.
الثالث : أنه فاعل بفعل مقدّر أي : يكفي واحدة.
و « أو » على بابها من كونها للإباحة أو التخيير. و « ما ملكت » كهي [ في قوله ] :« مَا طَابَ » [ فإن قيل : المالك هو نفسه لا يمينه، فلِمَ ] أضاف المِلْك لليمين [ فالجواب ] لأنها محل المحاسن، وبها تُتَلَقَّى رايات المجد.
وروي عن أبي عمرو :« فما ملكت أيمانكم »، والمعنى : إن لم يعدل في عِشْرَةِ واحدة فما ملكت يمينه.
وقرأ ابن أبي عبلة « أو من ملكت أيمانكم ».
ومعنى الآية : إن خفتم ألا تعدلوا بين هذه الأعداد كما خفتم ترك العدل فيما فوقها فاكتفوا بزوجة واحدة، أو بالمملوكة.
قوله :« ذلك أدنى » مبتدأ وخبر، و « ذلك » إشارة إلى اختيار الواحدة أو التسرِّي.
و « أدنى » أفعل تفضيل من دنا يدنو أي : قرُب إلى عدم العول.