وقال السُّدِّيُّ : ضَمْرة بن جُنْدب الضمريّ.
وحكى المَهْدَويّ أنه ضمرة بن ضمرة بن نُعَيم، وقيل ضمرة بن خُزاعة.
وروى معمر عن قتادة : لما نَزَل قوله- تعالى- :﴿ إِنَّ الذين تَوَفَّاهُمُ الملاائكة ﴾ [ النساء : ٩٧ ] قال رَجُل من المُسْلِمِين وهو مَرِيضٌ : والله - تعالى- ما لي عُذْرٌ : إني لَدَلِيل في الطَّرِيق وإني بمُوسِرٌ، فاحْمِلُوني فأدْركه المَوْتُ في الطَّرِيق، فقال أصْحَاب النَّبِي ﷺ : لو بَلَغَ إلَيْنَا لتَمَّ أجْرُه، وقد مات بالتَّنْعِيم، وجاء بَنُوه إلى النَّبِيّ ﷺ وأخبروه بالقِصَّة، فنزل قوله :﴿ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً [ إِلَى الله وَرَسُولِهِ ﴾ ] الآية.
قوله :« ثم يدركه » الجُمْهُور على جَزْم « يدركْه » عَطْفَاً على الشَّرْطِ قبله، وجوابه :« فقد وقع » وقرأ الحَسَن البصري بالنَّصْب.
قال ابن جِنِّي :« وهذا لَيْسَ بالسَّهْل، وإنما بَابُه الشَّعْر لا القُرْآنُ، وأنشد [ الوافر ]

١٨٦٨- سَأتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيم وَألْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأسْتَرِيحَا
والآيةُ أقْوَى من هذا؛ لتقدُّم الشرط قَبْلَ » المَعْطُوف «، يعني : أن النَّصْب بإضْمَار » أن « في غَير تِلك المَوَاضِع ضَرُورَةٌ؛ كالبيتِ المتقدم؛ وكَقوْل الآخر :[ الطويل ]
١٨٦٩-............................. وَيَأوِي إلَيْهَا المُسْتَجِيرُ فَيُعْصَمَا
وتبع الزَّمَخْشَرِي أبا الفَتْح في ذلك، وأنْشَدَ البَيْت الأوَّل. وهذه المَسْألة جَوَّزها الكُوفيُّون لمدركٍ أخرَ، وهو أن الفِعْلَ الواقِع بين الشَّرْط والجَزَاء، يجوز فيه الرَّفْع والنَّصْب والجَزْمُ إذا وَقَعَ بعد الواوِ والفَاءِ؛ واستدَلُّوا بقول الشاعر :[ الطويل ]
١٨٧٠- ومَنْ لا يُقَدِّمْ رِجْلَهً مُطْمَئِنَّةً فَيُثْبِتَهَا فِي مُسْتَوى الْقَاعِ يَزْلَقِ
وقول الآخر :[ الطويل ]
١٨٧١- ومَنْ يَقْتَرِب مَنِّا ويَخْضَعَ نُؤوِه ولا يَخْشَ ظُلْماً مَا أقَامَ وَلاَ هَضْمَا
وإذا ثَبَتَ ذلك في الواوِ والفضاءِ، فليَجُزْ في »
ثُمَّ « ؛ لأنها حَرْف عَطْفٍ.
وقرأ النَّخعيُّ، وطَلْحَة بن مُصَرِّف برفع الكَاف، وخَرَّجَها ابن جنِّي على إضْمَار مُبْتَدَأ، أي :»
ثم هو يُدْرِكُه المَوْتُ « فعطَ جُمْلَةً اسمِيّةً على فِعْلِيَّةً، وهي جُمْلَة الشَّرْطِ : الفعلُ المَجْزُومُ وفاعلُه، وعلى ذلك حَمَل يُونُس قولَ الأعْشَى :[ البسيط ]
١٨٧٢- إنْ تَرْكَبُوا فَرُكُوبُ الخَيْلِ عَادَتُنَا أوْ تَنْزِلُون فَإنَّا مَعْشَرٌ نُزُلُ
أي : وأنتم تنزلون، ومقله قول الآخر :[ البسيط ]
١٨٧٣- إنْ تُذْنِبُوا ثُمَّ تَأتِيِنِي بَقِيَّتُكُمْ فَمَا عَلّيَّ بِذَنْبٍ عِنْدَكُمْ حُوبُ
أي : ثم أنتم تَأتيني، وهذا أوْجهُ من أن يُحْمَل على أن يَأتِيني. قلتُ : يريدُ أنه لا يُحْمَلُ على إهْمَالِ الجَازِمِ، فيُرْفَعُ الفعل بعده، كما رفع في :
١٨٧٤- ألَمْ يَأتِيكَ والأنْبَاءُ تَنْمِي بِمَا لاَقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَادِ
فلم يَحْذِفِ اليَاء، وهذا البَيْت أنشده النَّحويُّون على أنَّ عَلاَمَةَ الجَزْم، حَذْفُ الحَرَكَةِ المُقَدَّرة في حَرْفِ العِلَّة، وضَمُّوا إليه أبياتاً أخَرَ، أمَّا أنَّهم يَزْعُمُون : أنَّ حَرْف الجَزْم يُهْمَل، ويَسْتدلون بهذا البَيْت فَلا. ومنهم مَنْ خَرَّجَهَا على وَجْه أخَر؛ وهو أنه أراد الوَقْفَ على الكلمة، فنقلَ حَركَة هاءِ الضَّمِير إلى الكَافِ السَّاكِنَة للجَزْمِ، كقولِ الآخَر :[ الرجز ]


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
١٨٧٥- عَجِبْتُ والدَّهْرُ كَثِيرٌ عَجَبُه مِنْ عَنَزِيٍّ سَبَّنِي لَمْ أضْرِبُهْ