﴿ حتى يَلِجَ الجمل فِي سَمِّ الخياط ﴾ [ الأعراف : ٤٠ ] انتهى.
أشار رحمهُ اللهُ إلى بيت النَّابِغَةِ في قوله :[ الطويل ]
١٧٧٢- وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ | بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ |
وأمَّا الثَّاني فلأنَّهُ أخْبَرَ أنه فاحشة ومقت في الزَّمان الماضي [ بقوله « كان »، فلا يصحُّ أن يستثنى منه الماضي؛ إذ يصيرُ المعنى هو فاحشة في الزّمان الماضي ] إلا ما وقع منه في الزَّمَان الماضي فليس بفاحشة. وقيل : إن « إلا » هاهنا بمعنى « بَعْدَ » كقوله تعالى ﴿ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى [ وَوَقَاهُمْ ] ﴾ [ الدخان : ٥٦ ] أيْ بعد المَوْتَةِ الأوَلى وقيل ﴿ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ قيل نزول آية التحرير وقيل ﴿ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ فإنكم مقرون عليه، قالوا : لأنَّهُ عليه السَّلاَمُ أقَرَّ بما عليهنَّ مدة ثم أمر بمفارقتهن وإنَّمَا فعل ذلك ليكون إخراجهم عن العادة الرَّديئة على سبيل التَّدرُّجِ.
وقيل : إنَّ هذا خطأ؛ لأنَّه عليه السَّلامُ ما أقَرَّ أحداً على نكاح امرأة أبيه، وَإنْ كان في الجاهليَّةِ، لما روى البراء بنُ عَازِبٍ قال : مَرَّ بِي خَالِي أبُو بُرْدَة [ ابن نيار ] ومعه لواء قلت أيْنَ تَذْهَبُ؟ قال : بَعَثَنِي رَسُولُ الله ﷺ إلى رجل تزوَّجَ امرأة أبيه مِنْ بعده آتيه برأسه وآخذ ماله.
فصل
قال القُرْطُبِيُّ، وقد كان في العَرَبِ قبائل [ قد اعتادت ] أنْ يخلف [ ابن ] الرَّجُل على امرأةِ أبيه، وكانت هذه السِّيرة في الأنصار لازمة، وكانت في قريش مباحة مع التَّراضي، ألا ترى أنَّ عمرو بْنُ أميَّة خلف على امرأة أبيه بعد موته فولدت له مسافراً وأبا معيط، وكان لها من أمية أبو العيص وغيره؛ فكان بنو أمية إخوة [ مُسَافِر وأبي مُعَيط ] وأعمامها، وأيضاً صفوان بن أميَّةَ تزوَّج بعد أبيه امرأته، فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسَد، وكان أميّة قتل عنها ومن ذلك منظور بن زبَّان خلف على مُلَيْكة بِنْتِ خَارِجَةَ، وكان تحت أبيه زبَّان بن سيار ومن ذلك حِصْن بن أبِي قَيْسٍ تزوَّجَ امرأة أبيه [ كُبَيْشَة ] بنت معن، والأسود بن خلف تزوَّج امرأة أبيه.