الثاني : أنه فاعلٌ ب « شَهَادَةُ ».
الثالث : أنه فاعلٌ ب « يَشْهَدُ » مقدَّراً.
الرابع : أنه خبر مُبْتدأ، أي : الشَّاهدان اثْنَانِ.
الخامس : أنه فاعلٌ سَدَّ مسدَّ الخبر، وأنَّ في « إذَا » وجهين : إمَّا النَّصْبَ على الظرفيَّة، وإمَّا الرفع على الخَبَرِيَّة ل « شَهَادَةُ »، وكل هذا بَيِّنٌ مما لَخَّصْتُه قبلُ، وقراءةُ الحسن برفعها منونةً تتوجه بما تقدَّم في قراءة الجُمْهور من غير فَرْقٍ.
وأمَّا قراءةُ النصبِ، ففيها ثلاثةُ أوجهٍ :
أحدها - وإليه ذهب ابن جنِّي - : أنها منصوبةٌ بفعل مضمرٍ، و « اثْنَان » مرفوعٌ بذلك الفعل، والتقدير : ليُقِمْ شهادةَ بَيْنكُمُ اثْنَانِ، وتبعه الزمخشريُّ. وقد ردَّ أبو حيان هذا؛ بأن حذف الفعل وإبقاء فاعله، لم يُجِزْهُ النحويون، إلا أن يُشْعِرَ به ما قبله؛ كقوله تعالى :﴿ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ ﴾ [ النور : ٣٦ - ٣٧ ] في قراءة ابن عامر وأبي بَكْرٍ، أي : يُسَبِّحُهُ رجال؛ ومثله :[ الطويل ]
٢٠٦٢- لِيُبْكَ يَزِيدُ ضَارعٌ لِخُصُومَةٍ | ومُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوائِحُ |
٢٠٦٣- تَجَلَّدْتَ حَتَّى قِيلَ : لَمْ يَعْرُ قَلْبَهُ... مِنَ الوَجْدِ شَيْءٌ قُلْتُ : بَلْ أعْظَمُ الوَجْدِ
أي : بَلْ عراه أعظمُ الوجْدِ، وما نحْنُ فيه ليس من الأشياء الثلاثة.
الثاني : أن « شَهَادَةً » بدل من اللفظ بفعل، أي : إنها مصدر ناب مناب الفعلِ، فيعملُ عملَه، والتقدير : لِيَشْهد اثْنَانِ، ف « اثْنَانِ » فاعل بالمصدر، لنيابته منابَ الفعلِ، أو بذلك الفعلِ المحذوفِ، على حسبِ الخلاف في أصل المسألة، وإنما قدَّرْتُه « لِيَشْهَدِ اثْنَانِ »، فأتيتُ به فعلاً مضارعاً مقروناً بلام الأمر، ولم أقدِّرْهُ فِعْلَ أمر بصيغة « افْعَلْ » ؛ كما يُقَدِّرُه النحويُّون في نحو :« ضَرْباً زَيْداً »، أي :« اضْرِبْ » لأنَّ هذا قد رفع ظاهراً وهو « اثنانِ »، وصيغةُ « افْعَلْ » لا ترفع إلا ضميراً مستتراً إن كان المأمور واحداً؛ ومثلُه قوله :[ الطويل ]
٢٠٦٥-................................ | فَنَدْلاً زُرَيْقُ المَالَ نَدْلَ الثَّعَالِبِ |
٢٠٦٦-................................ | وَلاَ ذَاكِرَ اللَّهَ إلاَّ قَلِيلا |