وقال أهلُ الكوفة : لأنها تميدُ بالآكِلِينَ، قال الزجَّاج - رحمه الله تعالى - :« وهي فاعِلةٌ على الأصلِ »، وقال أبو عُبَيْدٍ :« هي فَاعِلَةٌ بمعنى مفعُولَة مشتقَّةٌ من مادهُ بمعنى أعْطَاهُ، وامتادَهُ بمعنى اسْتَعْطَاهُ، فهي بمعنى مَفْعُولَة »، قال :« كَعِيشَةٍ راضيةٍ » وأصلُها أنها ميدَ بها صاحبُها، أي : أعْطِيَهَا، والعربُ تقول : مَادَنِي فلانٌ يَمِيدُنِي، إذا أدَّى إليَّ وأعْطَانِي « وقال أبو بَكْرِ بنُ الأنباريِّ :» سُمِّيتْ مائدةً؛ لأنها غياثٌ وعطاءٌ، من قول العرب : مَادَ فلانٌ فُلاناً إذا أحْسَنَ إلَيْه « وأنشد :[ السريع ]
٢٠٨٨- إلى أميرِ المُؤمِنِينَ المُمْتَادْ... أي : المُحْسنِ لرعيَّته، وهي فاعلةٌ من المَيْدِ بمعنى مُعْطِيَةٍ، فهو قريبٌ من قولِ أبِي عُبَيْدٍ في الاشتقاقِ، إلا أنَّها عنده بمعنى فاعلةٍ على بابها، وابنُ قتيبة وافق أبا عُبَيْدٍ في كونها بمعنى مَفْعُولَة، قال :»
لأنَّها يُمَادُ بها الآكلُونَ أي يُعْطَوْنَهَا «، وقيل : هي من المَيْدِ، وهو الميلُ، وهذا هو معنى قول الزجَّاج. قوله تعالى :» مِنَ السَّماءِ « يجوز أنْ يتعلَّق بالفعلِ قبله، وأنْ يتعلَّق بمحذوف؛ على أنه صفةٌ ل » مَائِدَة «، أي : مائدةً كَائِنَةً من السَّماءِ، أي : نازلةً منها.
قوله تعالى :﴿ اتقوا الله إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ : فلا تَشكُّوا في قُدْرَة الله - تعالى -.
وقيل : اتَّقُوا الله أن تَسْألُوه شَيْئاً لَمْ تسْأله الأمَمُ السَّابِقَة من قَبْلِكُم، فَنَهَاهم عن اقْتِراحِ الآيَات بَعْدَ الإيمان.
وقيل : أمَرَهُمْ بالتَّقْوى سَبَباً لِحُصُول هذا المَطْلُوب، كقوله - تبارك وتعالى - :﴿ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ اتقوا الله وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة ﴾ [ المائدة : ٣٥ ].


الصفحة التالية
Icon