« رحم جبريل وميكائيلُ الأرْضَ، ولم ترحمهما لا جَرَمَ أجعل أرواح من خُلِقَ من هذا الطِّين بَيَدِكَ ».
وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه- :« خَلَقَ اللِّهُ آدَمَ من أرضِ يقالُ لها دَجْناء ».
قال الحسن :« وخَلقَ حُؤجُؤهُ من ضَرِيَّة »
قال الجوهري :« ضَرِيَّة » قرية لبني كِلاب على طريق « البصرة »، وهي إلى « مَكَّةَ » أقربُ.
وعن ابن مسعود قال : إنَّ الله بعث إبليس، فأخَذَ من أديم الأرْضِ عَذْبِها وملحها، فخلقَ منه آدم ﷺ فكلُّ شيء خلقه من عَذْبها، فهو صائرٌ إلى الجَنَّةِ، وإن كان ابن كافر، وكُلُّ شيء خَلَقَهُ من ملحها فهو صائرٌ إلى النَّارِ وإنْ كان ابن تِقيِ؛ فَمنْ ثمَّ قال إبليسُ :﴿ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً ﴾ [ الإسراء : ٦١ ] ؛ لأنَّه جاء بالطينة؛ فسمي آدم، خُلِقَ من أديم الأرض.
وعن عبد الله بن سلام قال : خلق الله آدم في آخر يوم الجمعة.
وعن عبد الله بن عباس قال :« لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَم كان رأسُه يَمَسْ السماءِ - قال - فوطده إلى الأرض حتَّى صار ستِّينَ ذِرَاعاً في سَبْعَةِ أذْرُعٍ عَرْضاً ».
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- في حديث فيه طول : وحَجَّ آدمُ - عليه السلام - من « الهِنْد » أربعين حجَّةُ على رِجْلَيْهِ، وكان آدمُ حين أُهبط تمسح رأسه السَّمَاء فمن ثَمَّ صَلَعَ، وأوْرثَ ولَدُهُ الصَّلعَ، ونفَرَت من طوله دواب الأرض، فصارت وحشاً من يومئذٍ، ولَمْ يَمُتْ حتىَّ بلغ ولده وولدُ ولدِه أربعين ألفاً وتوفي على ثور الجَبَلَ الذي أنزل؛ فقال شيث لجبريل :« صَلَّ عَلَى آدَمَ » فقال له جبريلُ : تقدَّم أنْتَ فصلِّ على أبيك كبر عليه ثلاثين تكبيرة، فأما خمس فهي الصلاة، وخمس وعشرون تفضيلاً لآدم.
وقيل : وكبِّرْ عليه أربعاً، فجعل أبو شيث آدم في مَغَارةٍ، وجَعَلوا عليها حافظاً لا يَقْربُهُ أحدٌ من بين قابيل، وكان الذين يأتونه ويَسْتَغْفِرُون له « بنو شيث » وكان عُمْرُ آدم تسعمائة سنة وستاً وثلاثين سنة.
قوله :« ثُمَّ قَضَى » إذا كان « قَضَى » بمعنى أظهر ف « ثُمَّ » للترتيبِ الزماني على أصلها؛ لأنَّ ذلك متأخِرٌ عن خَلْقِنا، وهي صفة فعل، وإن كان بمعنى « كَتَب » و « قَدَّر » فهي للترتيب في الذِّكرِ؛ لأنَّها صِفَةُ ذاتٍ، وذلك مُقدَّمّ على خَلْقِنا.


الصفحة التالية
Icon