وهذا ضعيفٌ جداً لما فيه من تَقْدِيمِ مَعْمُولِ المصجر عليه، وقد عرف ما فيه.
الوجه الرابع : أنَّ الكلامَ تَمَّ أيضاً عند الجلالةِ، وتعلِّق الظرفُ بنفس « يَعْلَمُ » وهذا ظاهِرٌ، و « يَعْلَمُ » على هذين الوَجْهَيْنِ مُسْتَأنَفٌ.
الوجه الخامس : أنَّ الكلامَ تَمَّ عند قوله :« في السموات » فيتعلَّق « في السموات » باسم الله على ما تقدَّمَ، ويتعلَّقُ « في الأرض » ب « يعلم » وهو قول الطَّبري.
وقال أبو البقاء :« وهو ضعيفٌ؛ لأنِّ اللَّهَ - تعالى - مَعْبودٌ في السَّمَوات وفي الأرض، ويَعْلمُ ما في السَّموات، وما في الأرض، فلا تتخصَّصُ إحْدى الصِّفَتَيْنِ بأحَدِ الظرفين ». وهخو رَدٌ جميلٌ.
الوجه السادس : أنَّ « في السموات » متعلِّقٌ محذوفٍ على أنَّهُ حالٌ من « سِرَّكم »، ثُمَّ قُدِّمَتِ الحالُ على صَاحبهَا، وعلى عاملها.
السابع : أنه متعلّق ب « يَكْسِبُونَ »، وهذا فَاسِدٌ من جهة أنه يَلْزَمُ منه تقديم مَعْمُولِ الصِّلةِ على الموصول؛ لأن « ما » مَوْصُولةٌ اسمية، أو حرفيةٌ، وأيضاً فالمُخَاطبُونَ كيف يكيبون في السموات؟ ولو ذهب هذا القائلُ إلى أنَّ الكلام تَمَّ عند قوله :« في السموات » وعلّق « في الأرض » ب « يَكْسِبونَ » لسَهُل الأمْرُ من حيث المعنى لا من حَيْثٌ الصناعيةُ.
الوجه الثامن : أنَّ « الله » خَبَرٌ أوَّلُ، و « في السموات » خبر ثانٍ.
قال الزمخشري :« على معنى : أنَّه الله، وأنَّهُ في السموات وفي الأرض، وعلى معنى : أنَّهُ عالمٌ بما فيهما لا يَخْفَى عليه شيءٌ، كأنَّ ذَاتَهُ فيهما ».
قال أبو حيَّان :« وهذا ضعيفٌ؛ لأن المجرور ب » في « لا يّدُلُّ على كونٍ مُقَيَّدٍ، إنما يَدُلُّ على كونس مُطْلَقٍ، وتقدَّم جوابه مراراً ».
الوجه التاسع : أنْ يكون « هو » مبتدأ، و « اللَّهُ » بَدَلٌ منه، و « يَعْلَمُ » خبره و « في السموات » على ما تقدَّم.
الوجه العاشر : أنْ يكون « اللًّهُ » بَدَلاً أيضاً، و « في السموات » الخبرُ بالعنى الذي قاله الزمخشري.
الحادي عشر : أنَّ « هو » ضمير الشَّأنِ في مَحَلِّ رفع بالابتداء، والجلالةً مبتدأ ثانٍ، وخبرها « في السموات » بالمعنى المتقدَّمِ، أو « يَعْلَمُ »، والجملة خبر الأول مفسرة له وهو الثاني عشر.
وأمَّا « يَعْلَمُ » فقد عرفت من تَفَاصِيلٍ ما تقدَّمَ أنَّه يَجُوزُ أن يكون مُسْتَأنَفاً، فلا مَحَلَّ له، أو في مَحَلِّ رفع خبراً، أو في مَحَلِّ نَصْبِ على الحال، و « سِرَّكم وجَهْرَكم » :
يجوز أن يَكُونَا على بابهما من المَصْدَرِيّة، ويكونان مضافين إلى الفاعل.