٢١٤٦ - رَضيتَ خِطَّةَ خَسْفٍ غَيْرَ طَائِلَةٍ فَسَاءَ هَذَا رِضّى يا قَيْسَ عَبْلانَا
قال أبو حيان : ولا يتعين أن تكون « ما » في البيت خبراً مجرداً، بل تحتمل الأوجه الثلاثة ] وهو ظاهر.
الثاني : أن يكون للتعجُّب، فتنتقل من « فَعَل » بفتح العين [ إلى ] « فعُل » بضمها، فتعطى حكم فعل التَّعَجُّب من عدم التصرف، والخروج من الخبر المَحْضِ إلى الإنشاء إن قلنا : إن التعجُّب إنشاء، وهو الصحيح، والمعنى : ما أسْوَأ، أي : أقبح الذي يزرونه، أو شيئاً يزرونه، أو وِزْرُهم.
الثالث : أنها بمعنى « بئس » فتكون للمُبَالَغَةِ في الذَّمِّ فتعطى أحكامها أيضاً، ويجري الخِلافُ في « ما » الواقعِة بعدها حَسْبَما ذكر في ﴿ بِئْسَمَا اشتروا بِهِ ﴾ [ البقرة : ٩٠ ] وقد ظهر الفَرقُ بين الأوجه الثلاثة، فإنها في الأوَّل متعدّية متصرّفة، والكلام معها خَبَرٌ مَحْضٌ، وفي الأخيرين قَاصِرَةٌ جامدة إنشائية.
والفرق بين الوجهين الأخيرين أنَّ التعجبيَّة لا يُشْتَرَطُ في فاعلها ما يشترط في فاعل « بئس ».
وقال أبو حيَّان : والفَرْقُ بين هذا الوجه يعني كونها بمعنى « بئس »، والوجه الذي قبله - يعني كونها تعجبيَّةً- أنه لا يُشْتَرَطُ فيه ما يشترط في فاعل « بئس » من الأحكام، ولا هو جملةٌ منعدةٌ من مبتدأ وخبر، [ إنما هو منعقد من فعل أو فاعل انتهى، وظاهره لا يظهر إلاَّ بتأويل، وهو أن الذم لا بد فيه مَن مَخْصوص بالذَّمِّ، وهو مبتدأ، والجملة الفعلية قبله خبره فانعقده من هذه الجملة مبتدأ وخبر ].
إلا أنَّ لقائلٍ أن يقول : إنما يَتَأتَّى هذا على أحَدِ الأعَارِيبِ في [ المخصوص ] وعلى تقدير التَّسْليم، فلا مَدْخَلَ للمخصوص بالذَّمِّ في جملة الذَّمِّ بالنسبة إلى كونها فَعْلِيَّة، فحينئذٍ لا يظهر فَرْقٌ بينها وبين التَّعجبية في أنَّ كُلاَّ منهما منعقدةٌ من فَعلٍ وفاعل.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما- : بئْسَ الحمْلُ حَمَلُوا «.


الصفحة التالية
Icon