قال تعالى :﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله ﴾ [ فصلت : ٣٣ ] ﴿ وَإِذَا دعوا إِلَى الله ﴾ [ النور : ٤٨ ].
وقال :[ الطويل ]

٢١٧١- وإنْ أُدْعَ لِلْجُلَّى أكُنْ مِنْ حُمَاتِهَا ...........................
وقال :[ البسيط ]
٢١٧٢- وَإنْ [ دَعَوْت ] إلى جُلَّى ومَكْرُمَةٍ يَوْماً سَرَاةِ كِرَامِ النَّاسِ فَادْعِينَا
وقال :[ المتقارب ]
٢١٧٣- دَعَوْتُ لِمَا نَابِنِي مِسْوَراً فَلَبَّى فَلَبَّىْ يَدَيء مِسْوَرِ
والثاني : أن يتعلَّق ب « يكشفُ ».
قال أبو البقاء :« أي : يرفعه إليه » انتهى.
والضميرُ على هذا عائدٌ على الله تعالى، وذكر أبو البقاء وَجْهَيِ التعلق ولم يَتَعَرَّضْ للضمير، [ وقدْ عَرَفْتَهُ ].
وقال ابن عطية : والضمير في « إليه » يَحْتَمِلُ أن يعُود إلى الله، بتقدير : فيكشف ما تدعون فيه إليه.
قال أبو حيَّان : وهذا ليس بِجَيدٍ؛ لأنَّ « دعا » يتعدَّى لمفعول به دون حَرْفِ جرِّ :﴿ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [ غافر : ٦٠ ]، ﴿ إِذَا دَعَانِ ﴾ [ البقرة : ١٨٦ ] ومن كلام العرب :« دَعَوْتُ الله سِمَعاً ».
قلت : ومِثْلُهُ :﴿ قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن أَيّاً مَّا تَدْعُوا ﴾ [ الإسراء : ١١٠ ] ﴿ ادعوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعا ﴾ [ الأعراف : ٥٥ ] قال :« ولا تقولُ بهذا المعنى :» دعوت إلى اللهط بمعنى : دعوت الله، إلاَّ أنه يمكن أن يُصَحَّحَ كلامُهُ بمعنى التَّضْمِينِ، ضَمَّنَ « تدعون » معنى « تلجؤون فيه إلى الله » إلاَّ أنَّ التضمين ليس بقيسا، لا يُصَارُ إليه إلاَّ عند الضَّرُورَةِ، ولا ضرورةَ تدعو إليه هنا «.
قال شهاب الدين : ليس التضمين مَقْصُوراً على الضرورة، وهو في القرآن أكثر من أن يُحْصَرَ، وقد تقدَّم منه جملة صَالِحَةٌ، وسيأتِي إن شاء الله - تعالى - مثلُهَا على أن قد يُقَال : تجويزُ أبي مُحَمَّدٍ عَوْدَ الضمير إلى الله - تعالى - مَحْمُولٌ على أن »
إليه « مُتَعَلِّقٌ ب » يكشف «، كما تقدَّم نَقْلُهُ عن أبي البقاءِ، وأن معنلااه يرفعه إليه، فلا يلزم المحذور المذكور، لولا أنه يُعَكِّرُ عليه تقديرُهُ بقوله :» تدعون فيه إليه «، فتقديره :» فيه « ظاهرة أنه يَزْعُمُ تعَلُّقَهُ ب » تَدْعُون «.
قوله :»
إنْ شَاءَ « جوابه مَحْذُوفٌ لِفَهْمِ المعنى، ودلالة ما قبله عليه، أي : إنْ شَاءِ أن يَكْشِفَ كَشَفَ، وادِّعاءُ تقديم جوابِ الشرط هنا واضِحٌ لاقترانه ب » الفاء « فهو أحْسَنُ من قولهم :» أنت ظالم إن فعلتط لكن يمنع من كونها جواباً هنا أنها سِبَبِيَّةٌ مرتبة، أي : أنها أفادت تَرتُّبَ الكَشْفِ عن الدعاء، وأن الدُّعَاءَ سَبَبٌ فيه، على أن لنا خِلاَفاً في « فاء » الجزاء : هل تفيد السَّبَبِيَّةَ أو لا؟
قوله :﴿ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُون ﴾ الظاهر في « ما » أن تكون مَوْصُولَةَ اسمية، والمُرَادُ بها ما عُبِدَ مِنْ دون اللَّهِ مُطْلَقاً : العُقَلاَء وغيرهم، إلاّ أنه غَلَّبَ غيرا لعقلاء عليهم كقوله :


الصفحة التالية